نحو البحث عن توازن ديبلوماسي دولي جديد.

فايس بريس23 مايو 2021آخر تحديث :
نحو البحث عن توازن ديبلوماسي دولي جديد.

ذ/ الحسين بكار السباعي

باحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.

العلاقات الدولية عبر التاريخ فيها مد وزجر، والأزمات الديبلوماسية تقوي العلاقات بين الدول وتعطيها انطلاقة متينة.

و دراسة العلاقات الدولية تستهدف التوصل الى تحليل دقيق لحقائق وربطها بالاحداث المستجدة على المستوى الدولي الذي يمتاز عادة بالديناميكية السريعة، وذلك مـن خـلال معرفة طبيعة القـوى التـي تـتحكم فـي تشـكيل الاتجاهـات السياسـية
للدول ازاء بعضها وتحديد الكيفية التي تتفاعل بها هذه القوى والالمام بمختلــف التــأثيرات وردود الفعــل التــي تتركهــا علــى اوضــاع المجتمــع الدولي.

ليس بالزمن البعيد ، نعود باسبانيا الى امتحانها العسير مع المغرب سواء بشماله وحتى بجنوبه ،لن ينسى العالم جرائمها بريف المغرب واستعمال الجيش الإسباني لقنابل تجريبية كيميائية في محاولة لاخماد مقاومة الشمال .

هذه الهجمات التي وقعت سنة 1924 و هي المرة الأولى التي تُسقط فيه طائرات اسبانية  غاز الخردل، أي قبل عام واحد من توقيع اتفاقية جنيف “لحظر الاستعمال الحربي للغازات الخانقة أو السامة أو غيرها من الغازات والوسائل الحربية البكتريولوجية” والغاز المستخدم في هذه الهجمات هو من إنتاج ، الشركة الوطنية للمنتوجات الكيماوية “Fabrica Nacional de Productos Químicos” بمدينة La Marañosa بالقرب من مدريد وتأسس هذا المصنع بمساعدة كبيرة من Hugo Stoltzenberg، الصيدلاني المرتبط بجهات من الحكومة الألمانية مكلفة بالأسلحة الكيميائية السرية في أوائل عشرينيات القرن الماضي ، والذي حصل في وقت لاحق على الجنسية الإسبانية.

كما ان ننسى وقبل 64 سنة من يومه ، اي في 23 نونبر 1957 الحدث التاريخي الذي استولى فيه 1500 رجل من رجال جيش التحرير الوطني بقيادة الكولونيل بن حمو وسكان قبيلة أيت باعمران على مواقع إسبانية وكذلك على مدينة إيفني . وفي نفس اليوم شن جيش التحرير بمنطقة الجنوب المغربي هجوما واسعا على مدن : طانطان والسمارة ووادي الذهب والداخلة والعيون والساقية الحمراء وقبل هذا التاريخ بعشر سنوات وبالضبط سنة 1947، كانت انتفاضة شعبية عارمة، حيث قامت قيامة الباعمرانيين ، بسبب فرض المستعمر الإسباني بطاقة تعريف خاصة على جميع المواطنين.

اسبانيا لن تنسى عقدها التاريخية مع المغرب ابدا فالى تاريخ قريب كان الاسبان بملابسهم الرتة و”المرقعة” يتسكعون بازقة المدن الساحلية المغربية بطنجة والعرائش والدار البيضاء التي كانت تضم عدد كبيرا منهم كعمال للشحن و التفريغ للسفن التجارية ،ولولى ديكتاتورية فرانكون لم استطاعت اسبانيا ان تتخطى أزمتها وترجع كرامتها المسلوبة .

معلوم انه حسب هانس مورجانثو أستاذ العلاقات السياسـية الدوليـة، أن ” جوهر العلاقات الدولية هو السياسية الدوليـة . وان موضـوع السياسـة الدولية هو الصراع بين الدول المستقلة من اجل القوة ”
اسبانيا كذلك لم ولن تنسى حدث المسيرة الخضراء ولن تنسى رفض المنتظم الدولي للاحصائيات المشبوهة التي قدمتها للامم المتحدة على اساس احصاء سكان الاقاليم الجنوبية المغربية في اطار عملية تحقيق الهوية التي لم تكتمل والتي كشفت عن تلاعبات في الاحصائيات المذكورة .

اسبانيا التي تفاجأت باقدام المغرب على ترسيم حدوده البحرية المحادية لشريطه الساحلي الى حدود الكويرة المغربية وتعزيز مكانة تواجده البحري بها من خلال مخطط الموانئ التلاث ، ميناء الداخلة الاطلسي وميناء مهريز والكويرة الدوليين .

لن تستصيغ كذلك تواجد جبل تروبيك البحري في حدود المياه الاقليمية المغربية وما يزخر به من معادن نفيسة اسالت لعاب اقطاب اقتصادية دولية سعت وتسعى الى تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع المغرب باعتبار ان صحراءه اصبحث ضمن المخططات الاقتصادية الدولية لما بعد كورونا .

المغرب بمشاكله الكثيرة وبضرورة اعادة النظر في الوضع الاجتماعي لمواطنيه والدفع بعملية التنمية التي يجب ان يكون فيها الانسان المغربي من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه محورها الاساسي وجوهر مخططه التنموي الجديد .
كنس الفساد والاصلاح الاداري والقضائي و ايجاد احزاب سياسية قوية يكون لها تأثير قوي على مجرى الاحداث الداخلية والخارجية للمغرب والتي لازلنا نساؤل فيها دورها الديبلوماسي الموازي لما وقع ويقع من عثرات ديبلوماسية .
المغرب مطلب في مغرب اليوم الذي لا نريده الا ان يكون أحسن من مغرب الامس ليس بامتلاك عصى موسى ولا خاتم سليمان ، ولكن على الدولة ان تضمن للمواطن مخططات استرايجية آنية واصلاحات جريئة تهم تحسين مستوى العيش وتضمن سبل الرفاهية يتساوى فيها جميع المغاربة .

اعادة النظر في دور مغاربة العالم في المشاركة السياسية من خلال ممثلين بالبرلمان المغربي ، بل اكثر من ذلك ان يشارك مواطنينا بسبتة ومليلية والجزر الجعفرية المحثلة بممثلين عنهم داخل المؤسسات التشريعية والدستورية بالبلاد وان يشكلوا قوة ضاغطة داخل مؤسسات دولة الاستعمار وكذا داخل دواليب الاتحاد الاوروبي .
لا أحد ينسى معارضة جنوب افريقيا والجزائر ومن سار في فلكيهما عودة المغرب لحضنه الافريقي .
المغرب قاد حوارا جادا وارسى دعائم تعاون جنوب جنوب ، بعد خطاب الملك امام قمة أديس أبابا ،خطاب جريئ وواقعي اعتبر بمتابة خريطة طريق نحو افريقيا للإفريقيين وان أي اصلاح اقتصادي وسياسي واجتماعي هو السبيل الاوحد لوقف تدفق الهجرة نحو اوروبا ، فقد آن الأوان أن ينعم الانسان الافريقي بثرواته .
اوروبا ومعها اسبانيا وكلهم في فلك يسبحون ، ضلت تسعى الى استنزاف خيرات مستعمراتها السابقة و إلى خلق كدبة ، “تحقيق توازن في العلاقات الدولية سياسيا واقتصاديا في إطار الحوار بين الشمال والجنوب” ، كدبة باسم الدول النامية او دول العالم الثالت كما تسميها منظماتها التنموية المختلفة التي تبين في غالبيتها انها مجرد وسائل لقياس تطور الوعي المجتمعي ، تارة باسم التنمية وتارة أخرى باسم الديمقراطية وحقوق الانسان، بهذه البلدان مخافة ثورة حقيقية تأتي على مصالحها ومصالح من منحها توكيلا عاما بالحق في الاستغلال دون حسيب ولا رقيب.
اسبانيا وغيرها من بلدان اوروبا والغرب لا تنظر الى افريقيا والمغرب ،الا من خلال مصالحها وحماية مصادر ترواثها والابقاء على اتفاقيات استغلالها لهذه الثرواة ، دون ان تضع نصب عينيها أن العالم يتغير وأن التطور وحده من ينتصر وأن خريطة عالمية بتحالفات جديدة تتشكل في الافق القريب وستجل من قوى جديد في مصاف قوى قديمة وستفرض لا محالة رسم معالم قانون دولي جديد يحكم العلاقات الدولية .

آن الأوان ان لا يقف الخطاب الديبلوماسي مع الجارة الشمالية او غيرها الا باعتدار صريح عما ارتكبته من جرائم حرب ضد المغرب في شماله كما في جنوبه .
وعلينا ان نعمل جاهدين بفتح ملف سبتة ومليلية والجزر الجعفرية امام لجنة تصفية الاستعمار بالامم المتحدة وان نطالب بمراجعة جميع الاتفاقيات والمعاهدات مع حكومة مدريد.
علينا ان نطالب بفتح تحقيق في عمل الشركات الاسبانية بشمال المغرب كما في مدنه الجنوبية ومصادر تمويل هذه الشركات انطلاقا من مدينة طنجة وصولا الى مدينة الداخلة ، على اجهزتنا الساهرة على امن وسلامة الحدود مع الجارة الشمالية ان تقوم بإحصاء عدد الاسبان المتواجدين في وضعية غير نظامية تجاه قوانين الهجرة المغربية والذين يتعاطون انشطة حرفية وتجارية غير مهيكلة بشمال المغرب كما في بعض مدنه الجنوبية .
على اسبانيا ان تراجع اوراقها الدبلوماسية مع المغرب وعلى الجزائر ان تعلم انها الخاسر الاول من هذه اللعبة القدرة .

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة