يعيش المحاسبون المعتمدون وباقي المهنيون في المغرب فترة من التوتر والترقب، حيث ينتظر الجميع ما ستسفر عنه نتائج التصويت بمجلس المستشارين على مشروع قانون المالية لسنة 2025. تبرز في هذا السياق المادة 206 مكرر التي تتضمن فرض غرامات مالية تصل إلى 1000 درهم في حال ارتكاب أي خطأ أو ملء معلومات ناقصة تتعلق بتسجيل عقد أو اتفاق عبر البوابة الخاصة بالمديرية العامة للضرائب.
ويعتبر هذا الإجراء استثنائياً، إذ لم يسبق في تاريخ التشريع المغربي أن تم تغريم المهنيين بسبب ارتكابهم أخطاء في تسجيل المعلومات. وقد عبّر المحاسبون المعتمدون عن استيائهم من هذه المادة، الذي تبررها وزارة الاقتصاد و المالية برغبتها في الحصول على قاعدة بيانات دقيقة وخالية من الأخطاء. لكن، في المقابل، يرون أن فرض الغرامات سيحول دون تصحيح الأخطاء، و يتهمون الوزارة بالبحث عن اعذار لتحصيل الذعائر.
و رغم أن الإدارة تملك كل الامكانيات التكنولوجية و البشرية لاكتشاف الأخطاء وتسهيل عملية التصحيح على المهنيين، لكنها ارتأت أن تقتصر على فرض العقوبات المالية. كما تثير رغبة الإدارة في استخلاص الغرامات بشكل فوري، دون اتباع أي مسطرة قانونية، قلق المحاسبين المعتمدين الذين يعتبرون ذلك خرقاً سافرا للدستور المغربي الذي يكفل حق الدفاع لكل من يرقه قرار أتخذ ضده.
تجدر الإشارة إلى أن المحاسبون المعتمدون يواصلون جهودهم لإسقاط هذه المادة بعرض مقترحهم على مستشاري لجنة المالية و التخطيط بالغرفة الثانية ، كما يلوحون الى امكانية تنظيم وقفة احتجاجية ضد هذه المادة و امكانية العزوف عن تسجيل العقود في حال تم تمرير هذه المادة من مشروع القانون، مما قد يؤدي إلى عودة التسجيل الورقي عبر الإدارة، وهو ما تسعى الحكومة جاهدة لتفاديه ضمن مشروعها الانتقال الرقمي.
إن هذه القضية تطرح تساؤلات عديدة حول حقوق المهنيين في مواجهة التشريعات الجديدة، وتؤكد على الحاجة الملحة للحوار بين الأطراف المعنية لضمان تحقيق التوازن بين مصلحة الإدارة وحقوق المحاسبين المعتمدين دون المس بحقوق الملزمين و ميزانيتهم.
ختاما يرى المحاسبون المعتمدون انه في ظل صعوبة الحصول على المعلومات الضرورية التي تشير إليها المادة 206 مكرر في مشروع قانون مالية 2025 (كرقم الملكية والمساحة وطبيعة العقار) وخاصة بالنسبة لتسجيل عقود الكراء، هذه المادة ستثير الخوف من الإقدام على عمليات تسجيل العقود لأن غياب المعلومة وصعوبة الحصول عليها سيجعل المحاسب المعتمد يفضل ان لا يقوم بعملية التسجيل عوض أداء غرامة 1000 درهم عن كل عقد به أخطاء.
ويرى المحاسبون انهم لا يريدون التخفيض من هذه الغرامة وإنما يعتبرونها عقوبة والمادة كلها عقابية يجب حذفها من مشروع قانون مالية 2025 ، زيادة على انها غير دستورية بحيث تصادر الحق في الطعن أو الشكاية لدى الإدارة.
السؤال الذي يطرحه المهنيون هل إدارة التسجيل ممكن ان تطبق هذه الغرامة في حق موظفيها اذا امتنع المهنيون عن القيام بإجراء تسجيل العقود ؟؟ وهل كان ممكنا ان تطبقها على موظفيها في غياب تقنية التسجيل الإليكتروني من قبل المهنيين؟؟