شنت الولايات المتحدة مؤخرا ضربات جوية مكثفة على مواقع الحوثيين في اليمن، في خطوة تصعيدية تهدف إلى ردع الهجمات التي تستهدف الملاحة الدولية في البحر الأحمر. ومع ذلك، فإن هذه الحملة العسكرية تثير تساؤلات حول مدى فعاليتها في تغيير المعادلة على الأرض، خاصة في ظل سجل سابق من الضربات التي لم تنجح في تحجيم قدرات الجماعة.
وتصف إدارة الرئيس الأميركي هذه الضربات بأنها “حملة حاسمة” ضد الحوثيين، حيث استهدفت مراكز القيادة والبنية التحتية العسكرية للجماعة. لكن المحللين يرون أن هذه الهجمات، رغم أهميتها، لن تكون كافية وحدها لوقف تهديد الحوثيين، الذين أثبتوا قدرتهم على الصمود والتكيف مع الضغوط العسكرية.
في المقابل، رد الحوثيون بتهديدات جديدة، مؤكدين أنهم سيواصلون استهداف السفن في البحر الأحمر. وتُظهر التجارب السابقة أن الجماعة قادرة على امتصاص الضربات الجوية وإعادة بناء قدراتها بسرعة، ما يطرح تحدياً كبيراً أمام واشنطن وحلفائها.
على مدى السنوات الماضية، نفذ التحالف الذي تقوده السعودية آلاف الضربات الجوية ضد الحوثيين، مستخدماً أسلحة متطورة ودعماً استخباراتياً غربياً. لكن رغم ذلك، لم تؤدِّ هذه الهجمات إلى انهيار الجماعة، بل استمرت في تطوير ترسانتها العسكرية وتعزيز نفوذها في اليمن.
يرى خبراء أن الدعم الإيراني المستمر للحوثيين يمثل عاملاً رئيسياً في استمرار قوتهم. فإيران توفر لهم الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية والتدريب، مما يساعدهم في تنفيذ عمليات دقيقة ضد الأهداف الإقليمية والدولية. لذا، فإن الضربات الجوية وحدها لن تكون كافية ما لم تقترن بإجراءات تعطل طرق إمداد الحوثيين.
من غير المرجح أن تؤدي الضربات الأميركية الأخيرة إلى إنهاء تهديد الحوثيين أو استعادة الاستقرار في البحر الأحمر. بل قد تؤدي إلى تصعيد إضافي، خاصة إذا قررت الجماعة تنفيذ هجمات جديدة ضد السفن الأميركية أو مصالح واشنطن في المنطقة. وفي ظل هذا الوضع، تحتاج الولايات المتحدة إلى استراتيجية أكثر شمولاً تشمل الدبلوماسية، والضغط على إيران، وتعزيز التنسيق مع الحلفاء الإقليميين.
تمثل الضربات الأميركية تصعيداً جديداً في المواجهة مع الحوثيين، لكنها ليست بالضرورة حلاً حاسماً للصراع. فالتجربة أثبتت أن القوة العسكرية وحدها لا تكفي لإنهاء النزاعات المعقدة، ما لم تكن جزءاً من استراتيجية أوسع تعالج الأسباب الجذرية للصراع وتحد من قدرة الحوثيين على إعادة بناء قوتهم.