تستعد كل من المملكة المغربية والاتحاد الروسي لتجديد اتفاقية الصيد البحري بينهما، بحيث تشمل هذه الاتفاقية المدة من عام 2025 إلى غاية 2028. هذه الاتفاقية، التي أصبحت وشيكة، ستتضمن حق السفن الروسية في الصيد في المنطقة الاقتصادية الخالصة للمغرب، بما في ذلك سواحل الصحراء المغربية.
وأعلنت الوكالة الفيدرالية الروسية لمصايد الأسماك أن مسودة الاتفاقية قد تم تقديمها بالفعل للحكومة الروسية تمهيدًا لتوقيعها مع المغرب. رئيس الوكالة، إيليا شيستاكوف، أكد في تصريح صحفي أن جميع القضايا المتعلقة بالاتفاقية قد تمت مناقشتها مع المغرب.
وأضاف شيستاكوف أن الاتفاقية الجديدة ستمكن السفن الروسية من صيد نحو 80,000 طن من الأسماك في المنطقة الاقتصادية الخالصة المغربية هذا العام، وهو ما يعني أن السفن الروسية ستتمكن من العمل في سواحل المغرب كافة، بما في ذلك سواحل الصحراء.
وتتعدد الأنواع التي تصطادها السفن الروسية في المياه المغربية، إذ تركز بشكل رئيسي على الأسماك التي تتوافر بكثرة في هذه المياه، مثل السردين، والسردينيلا، والماكريل، والأنشوجة. ومن المعروف أن هذه الأنواع تعتبر من الأسماك الاستهلاكية المهمة، سواء للسوق المحلية أو للتصدير.
وتشير التقارير إلى أن السفن الروسية لا تقتصر فقط على الصيد في المياه المغربية، بل تتواجد أيضًا في المياه الإقليمية لموريتانيا المجاورة، خصوصًا في المنطقة الواقعة بالقرب من الصحراء المغربية. وهذا يعكس أهمية المنطقة الاقتصادية المغربية للجانب الروسي، في إطار التعاون المستمر بين البلدين في مجال الصيد البحري.
وتشير التصريحات الصادرة عن الوكالة الفيدرالية الروسية لمصايد الأسماك، حسب موقع “الصحيفة” الذي أورد الخبر، إلى أن آفاق الصيد في المياه الإفريقية قد تشهد تطورًا ملحوظًا في السنوات المقبلة، وذلك بفضل “البعثة الإفريقية الكبرى” التي بدأت في غشت 2024. هذه البعثة البحثية، التي تشمل دراسة مخزون الأسماك في المياه الاقتصادية لـ 19 دولة إفريقية، تهدف إلى تحديد إمكانيات الصيد في هذه المناطق. المرحلة الأولى من البعثة شملت مسح المياه الإقليمية لكل من المغرب، موريتانيا، جمهورية غينيا، وغينيا بيساو.
ومن خلال هذه البعثة، تضيف المصادر ذاتها، يأمل الجانب الروسي في تحديد مناطق غنية بمخزونات الأسماك، مما سيمكن السفن الروسية من زيادة الكميات المصطادة بشكل كبير في المستقبل. هذا التعاون مع المغرب يعتبر جزءًا من استراتيجية واسعة لروسيا لتعزيز وجودها في المياه الإفريقية وزيادة حصتها من موارد الصيد في المنطقة.
وكانت السفارة الروسية في الرباط قد أعلنت العام الماضي، عن بدء مهمة بحثية مشتركة بين المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري المغربي والوكالة الفيدرالية الروسية. السفينة الروسية “أتلانتنيرو” شاركت في هذه المهمة، التي استهدفت تقييم توظيف أنواع الأسماك البحرية الصغيرة في المياه الإقليمية المغربية، وخاصة في سواحل الأطلسي قبالة الصحراء المغربية.
وجاءت المهمة البحثية في وقت كانت فيه المفاوضات بين المغرب وروسيا على أشدها، حيث كان من المتوقع تجديد اتفاقية الصيد البحري بين البلدين. وتعكس هذه البعثة البحثية عمق التعاون بين الجانبين، وتعتبر خطوة مهمة نحو تسريع التوصل إلى اتفاق رسمي.
وتعد هذه الاتفاقية جزءًا من تعزيز العلاقات الاقتصادية بين المغرب وروسيا، حيث تمثل قطاع الصيد البحري أحد المجالات الاستراتيجية للتعاون بين البلدين. التوقيع على الاتفاقية سيتيح للجانب الروسي الوصول إلى ثروات بحرية هائلة في المياه المغربية، وهو ما سيسهم في تطوير الصناعة البحرية الروسية بشكل كبير.
وفي الوقت نفسه، سيحقق المغرب من خلال هذه الاتفاقية استفادة اقتصادية كبيرة، حيث سيتمكن من زيادة الإيرادات الناجمة عن منح تراخيص الصيد للسفن الروسية، بالإضافة إلى التعاون البحثي والتكنولوجي في مجال الصيد البحري.
إن توقيع اتفاقية الصيد البحري بين المغرب وروسيا لمدة 4 سنوات يعكس قوة العلاقات الاقتصادية بين البلدين واهتمامهما المشترك بمستقبل التعاون في مجال الصيد البحري. ومن المتوقع أن تساهم هذه الاتفاقية في تعزيز التعاون الثنائي في عدة مجالات أخرى، بما في ذلك البحث العلمي والتكنولوجيا البحرية، مما يعود بالنفع على الطرفين في المستقبل.