أزمة غير متوقعة تهز مجلس أصيلة بعد وفاة محمد بن عيسى

هيئة التحرير3 أبريل 2025آخر تحديث :
أزمة غير متوقعة تهز مجلس أصيلة بعد وفاة محمد بن عيسى

رحيل الوزير والسفير السابق محمد بن عيسى لم يكن مجرد فقدان لشخصية سياسية بارزة، بل كشف عن شرخ عميق داخل المجلس الجماعي لمدينة أصيلة، التي أدارها بهدوء لما يقارب أربعين عامًا. ومع غيابه، اشتعلت المنافسة على خلافته، حيث انقسمت الأغلبية المسيرة إلى تيارين متصارعين، في سباق محموم على كرسي الرئاسة، مما وضع مستقبل تدبير المدينة أمام منعطف غير مسبوق.

ففي نهاية شهر رمضان، شهد المتتبع المحلي والوطني آخر فصول الصراع الداخلي في الفريق الذي سير المدينة طوال الأربع سنين الأخيرة، الذي حمل مشعل حزب الأصالة والمعاصرة، الذي كان بن عيسى أحد كبار قادته. فالفريق الذي توفر على أغلبية مريحة قوامها 23 مقعداً من أصل 30 في المجلس، انقسم إلى تيارين متنافسين، الأول يقوده النائب الأول، الذي دافع عن احترام المشروع السياسي للراحل محمد بن عيسى، معتبراً أن اختيار الرئيس الجديد يجب أن يستند إلى عنصر الكفاءة ونظافة اليد، لضمان استكمال المشاريع المبرمجة وتنفيذ برنامج العمل، وفق رؤية الحزب القائمة على مكافحة الفساد والاغتناء غير المشروع عبر السياسة.

في المقابل، يقود التيار الثاني النائب الثاني السابق، الذي سبق أن سحبت منه جميع التفويضات والمهام في فترة رئاسة بن عيسى، على خلفية شكاية رسمية رفعها الرئيس الراحل إلى الوالي حول خروقات وتجاوزات خطيرة، اعتبرها متابعون كافية لتبرير قرار عزله على الأقل. رغم ذلك، سعى هذا التيار إلى الضغط من أجل نيل تزكية الحزب، مستعيناً بلائحة توقيعات جمعها من بعض مستشاري المجلس، مطالباً بترؤسه الجماعة، رغم الجدل الذي يلاحقه حول ماضيه السياسي وإدارته للشأن العام.

وفي اتصال هاتفي مع أحد أعضاء المجلس الجماعي، أكد أن قيادة حزب الأصالة والمعاصرة تحملت مسؤوليتها التاريخية، وقررت منح التزكية للدكتور طارق غيلان، المعروف بسجله النظيف وإجماع الساكنة على كفاءته، مما دفع تيار النائب الثاني إلى التهديد بالتصويت لصالح مرشح حزب الاتحاد الدستوري، في خطوة وصفها متابعون بأنها محاولة لخلط الأوراق وإضعاف التوافق الحزبي داخل المجلس.

وأمام هذا الوضع، سعت القيادة الجهوية والإقليمية للحزب إلى احتواء الأزمة عبر اقتراح الإبقاء على نفس تشكيلة المكتب السابق، التي يسيطر عليها مؤيدو النائب الثاني، غير أن التيار الأول رفض هذا المقترح، مؤكداً تمسكه بالقانون الأساسي للحزب وميثاقه الأخلاقي، ورافضاً استمرار أي مسؤول تحوم حوله شبهات الفساد داخل أجهزة التسيير في أصيلة.

وبناءً على ذلك، قرر تيار النائب الأول التنسيق مع المعارضة داخل المجلس، وقدم لائحة جديدة للمكتب المسير، تضمنت منح مقعدين للمعارضة مع الاحتفاظ بالمقاعد الأربعة المتبقية، وهي خطوة سياسية جريئة لاقت ترحيبًا واسعًا داخل المجتمع الزيلاشي، باعتبارها محاولة لتحصين المدينة وخدمة مصلحتها العامة بعيدًا عن الحسابات الحزبية الضيقة.

ومع أن هذه التطورات قد تبدو بمثابة نهاية درامية للصراع الرمضاني داخل مجلس أصيلة، إلا أن التوترات لم تهدأ بعد، حيث يواصل النائب الثاني المبعد مقاومته الشرسة، محاولاً عرقلة تجربة المجلس الجديدة بقيادة الرئيس طارق غيلان. في المقابل، يؤكد فريق النائب الأول التزامه بنهج حزب الأصالة والمعاصرة ورؤيته الإصلاحية، داعياً إلى العمل الجماعي بين كافة مكونات المجلس، وفق مبدأ اليد الممدودة والتدبير التشاركي، بما يضمن الاستقرار والتقدم لمدينة أصيلة.

وفي الختام أكد الأعضاء أنهم يدعمون الرئيس الجديد في كل ما هو في صالح المدينة والساكنة، مشيرين إلى أنهم سيواصلون العمل الجاد من أجل تحقيق تنمية حقيقية وتحسين الخدمات العامة، مع التركيز على مصلحة أصيلة في المقام الأول.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة