شهدت الساحة الإعلامية في إسبانيا، وتحديداً في مدينة برشلونة مؤخراً، تزايداً ملحوظاً لظاهرة تثير القلق في أوساط الصحفيين المهنيين: حضور أشخاص يدّعون صفة الصحافة لفعاليات ولقاءات رسمية، بينما هم في الواقع مؤثرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو أصحاب قنوات رقمية يفتقرون للاعتماد المهني.
هذه الظاهرة، التي برزت بشكل لافت خلال لقاء أقيم في برشلونة قبل أيام قليلة، دفعت الصحفي المغربي المقيم في المدينة، إبراهيم أبركان، إلى دق ناقوس الخطر. وفي حوار خاص، أكد أبركان أن “عديد الأشخاص يدّعون مهنة الصحافة بالديار الإسبانية وهم في الأصل أصحاب قنوات أو مؤثرين عبر المواقع التواصل الاجتماعي”.
وأوضح أبركان، وهو صحفي معتمد ويمارس المهنة في برشلونة، أن هؤلاء الأفراد يحضرون اللقاءات الرسمية، ويقومون بنقل الأحداث وتغطيتها، مستغلين أحياناً سهولة الوصول أو عدم التدقيق في هويات الحاضرين، مما يطرح تساؤلات جدية حول مصداقية المحتوى الذي يقدمونه والمعايير المهنية التي يتبعونها.
وشدد أبركان على أن “مهنة الصحافة ليست لمن لا مهنة له”، مؤكداً أن الممارسة الحقيقية للمهنة يجب أن تقتصر على الصحفيين الحاملين لبطاقة الصحافة المهنية المعترف بها. وفي هذا السياق، أشار أبركان إلى الإطار القانوني المنظم للمهنة، مستشهداً بنص مدونة الصحافة والنشر المغربية رقم 88.13 كمثال للمعايير التي تضمن احترافية ومصداقية العمل الصحفي، حيث تُمنح الصفة القانونية بموجب بطاقة مهنية يصدرها المجلس الوطني للصحافة وفق شروط محددة.
وأضاف أبركان أن السماح لغير المهنيين بانتحال هذه الصفة لا يسيء فقط لصورة الصحافة والصحفيين الملتزمين بأخلاقيات المهنة، بل يهدد أيضاً جودة ودقة المعلومات التي تصل إلى الجمهور، وقد يُستخدم هذا الوضع لنشر معلومات مغلوطة أو لخدمة أجندات شخصية أو تجارية تحت غطاء العمل الصحفي.
تثير هذه القضية نقاشاً أوسع حول ضرورة وضع آليات واضحة للتحقق من صفة المشاركين في التغطيات الإعلامية للفعاليات الرسمية في إسبانيا، وحول مسؤولية الجهات المنظمة في ضمان حضور الصحفيين المعتمدين فقط، حمايةً للمهنة ولحق الجمهور في الحصول على معلومات موثوقة. وتبقى دعوة الصحفي أبركان صرخة في وجه فوضى محتملة تهدد أحد أهم أعمدة المجتمع الديمقراطي: الصحافة الحرة والمسؤولة.