جريدة فايس بريس: نرحب بكم السيد مصطفى الميسوري، رئيس الغرفة الفلاحية لجهة فاس مكناس، وشكراً جزيلاً لكم على تخصيص هذا الوقت لجريدة فايس بريس. تكتسي الغرفة الفلاحية دوراً محورياً في المشهد الفلاحي بالجهة، فهل لكم أن تحدثونا عن هذا الدور المحوري وعن كيفية تفاعلكم مع التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وكذا توجيهات السيد رئيس الحكومة فيما يتعلق بالقطاع الفلاحي؟
مصطفى الميسوري: بسم الله الرحمن الرحيم. أهلاً وسهلاً بكم في مقر الغرفة الفلاحية لجهة فاس مكناس، وأشكر جريدة فايس بريس على اهتمامها بالقطاع الفلاحي وشؤون الفلاحين بالجهة. الغرفة الفلاحية هي مؤسسة دستورية تمثيلية، دورها الأساسي هو تمثيل الفلاحين والدفاع عن مصالحهم، وتقديم الاستشارة والمواكبة لهم. نحن نعمل كهمزة وصل بين الفلاحين والسلطات العمومية والمهنيين.
أما فيما يتعلق بالتوجيهات السامية لصاحب الجلالة نصره الله، فهي بوصلة عملنا. المخطط الأخضر كان ثورة حقيقية في القطاع، واليوم نحن ننخرط بكل قوانا في استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030” التي أطلقها جلالة الملك، والتي ترتكز على تثمين العنصر البشري، وخاصة الشباب والنساء، وعلى استدامة التنمية الفلاحية ومواجهة التحديات المناخية، ورقمنة القطاع، وتثمين المنتجات المحلية. نحن نعمل جاهدين على ترجمة هذه الرؤية الملكية السامية إلى برامج ومشاريع ملموسة على أرض الواقع بالجهة. كما أننا نتابع عن كثب توجيهات السيد رئيس الحكومة والحكومة عموماً المتعلقة بتنزيل هذه الاستراتيجيات وتوفير الدعم اللازم للفلاحين، ونعمل بالتنسيق التام مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات وكافة المتدخلين.
جريدة فايس بريس: ننتقل للحديث عن الحدث الأبرز الذي تحتضنه الجهة سنوياً، وهو المعرض الدولي للفلاحة بمكناس (SIAM)، والذي افتتحت دورته السابعة عشرة على يد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن حفظه الله. كيف كان شعوركم لحظة تقبيل يدي سمو الأمير؟
مصطفى الميسوري: (بمشاعر ظاهرة) كانت لحظة تاريخية بامتياز، وشعوراً لا يمكن وصفه إلا بالفخر والاعتزاز العميقين. إنها لحظة تجسد الارتباط الوثيق بين الشعب والعرش العلوي المجيد، وتعكس العناية الكبرى التي توليها الأسرة الملكية لقطاع الفلاحة والفلاحين. تقبيل يد سمو الأمير كان تكريماً لكل الفلاحين والمهنيين في القطاع، ولحظة إحساس بالمسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقنا لخدمة هذا القطاع الحيوي تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة. إنها لحظة محفورة في الذاكرة، ودافع قوي لبذل المزيد من الجهد.
جريدة فايس بريس: الدورة السابعة عشرة للمعرض الدولي للفلاحة بمكناس، ما الجديد الذي تحمله هذه الدورة؟ وممكن أن تحدثنا بشكل عام عن المعرض وأهميته؟
مصطفى الميسوري: المعرض الدولي للفلاحة بمكناس أصبح بحق موعداً لا غنى عنه على الصعيد الوطني والقاري والدولي. هو أكبر تظاهرة فلاحية في إفريقيا، ومن بين الأكبر عالمياً. دوره يتمثل في كونه منصة للقاء والتبادل، لعرض آخر الابتكارات والتكنولوجيات في المجال الفلاحي، لنسج شراكات اقتصادية، وللتفكير في قضايا القطاع وتحدياته.
أما جديد الدورة السابعة عشرة، فيرتبط بشكل وثيق بتوجهات استراتيجية “الجيل الأخضر”. غالباً ما تركز هذه الدورات على محاور مهمة مثل الابتكار، الرقمنة في الفلاحة، تدبير الموارد المائية في سياق التغيرات المناخية، تطوير سلاسل القيمة، وتشجيع الاستثمار في القطاع، بالإضافة إلى تثمين المنتجات المجالية والتعاونيات الفلاحية. كل دورة تحمل معها مستجدات في عدد العارضين، الدول المشاركة، والندوات والورشات العلمية والتقنية التي تنظم على هامش المعرض لمناقشة القضايا الراهنة والمستقبلية للقطاع. الهدف يبقى دائماً هو الارتقاء بالفلاحة المغربية وجعلها أكثر تنافسية واستدامة.
جريدة فايس بريس: ما هو الدور الذي تلعبه الغرفة الفلاحية في دعم الجمعيات والتعاونيات الفلاحية والمنتجات الفلاحية، سواء في المجال القروي أو المجال الحضري؟
مصطفى الميسوري: هذا صلب عملنا ومهمة أساسية من مهام الغرفة. نحن نقدم الدعم للجمعيات والتعاونيات على عدة مستويات:
- التأسيس والهيكلة: مساعدة الفلاحين على تأسيس جمعياتهم وتعاونياتهم من الناحية القانونية والإدارية.
- التدريب والتأهيل: تنظيم دورات تدريبية في مجالات تقنية (تقنيات الإنتاج، التثمين) وإدارية (التسيير، التسويق).
- المواكبة التقنية: تقديم النصح والإرشاد الفلاحي لتحسين جودة المنتجات وزيادة الإنتاجية.
- ولوج الأسواق: مساعدة التعاونيات على تسويق منتجاتها، والمشاركة في المعارض الجهوية والوطنية والدولية مثل SIAM لتوسيع قاعدة زبنائها. نحن نخصص فضاءات مهمة داخل المعرض الدولي للفلاحة للمنتجات المحلية وتعاونيات الجهة.
- تثمين المنتجات: دعم الحصول على العلامات المميزة للجودة والأصل (منتوج مجالي، بيان جغرافي محمي، تسمية منشأ محمية) للمنتجات المحلية لزيادة قيمتها التسويقية.
- الدعم اللوجيستي: أحياناً نساهم في دعم بعض الأنشطة أو توفير بعض المعدات البسيطة التي تساهم في تطوير عمل هذه التنظيمات.
هدفنا هو تقوية هذه الهياكل المهنية لتصبح قادرة على الاعتماد على الذات والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمناطق القروية. ونعمل على تسهيل وصول هذه المنتجات ذات الجودة العالية إلى المستهلكين سواء في المجال القروي أو الحضري.
جريدة فايس بريس: وماذا عن دور الغرفة الفلاحية في دعم المرأة القروية؟
مصطفى الميسوري: دعم المرأة القروية يحتل مكانة خاصة ضمن أولوياتنا، فهو ركيزة أساسية من ركائز استراتيجية “الجيل الأخضر”. المرأة القروية فاعلة أساسية في السلسلة الإنتاجية الفلاحية، ولكنها غالباً ما تواجه تحديات أكبر. نحن نعمل على تمكينها اقتصادياً واجتماعياً من خلال:
- تشجيعها على الانخراط في التعاونيات أو تأسيس تعاونيات خاصة بها، خاصة في مجالات تثمين المنتجات المحلية (تحويل الحبوب، الزيوت، النباتات العطرية والطبية، الصناعات الغذائية المحلية).
- توفير برامج تدريبية موجهة خصيصاً لها، تأخذ بعين الاعتبار خصوصياتها واحتياجاتها.
- مواكبتها في تسويق منتجاتها والمشاركة في المعارض المخصصة للمنتجات المحلية والنسائية.
- تحسيسها بأهمية دورها وتشجيعها على المشاركة في اتخاذ القرار داخل الهياكل المهنية.
- إشراك المرأة القروية وتمكينها هو استثمار حقيقي في التنمية الشاملة للمجال القروي.
جريدة فايس بريس: بحكم أنكم ابن إقليم تاونات، وبالضبط من جماعة قرية با محمد، ماذا قدمتم لإقليم تاونات الفلاحي كغرفة فلاحية؟
مصطفى الميسوري: صحيح، أنتمي لهذا الإقليم العزيز على قلبي، والذي أعرف جيداً خصائصه وتحدياته وإمكانياته الفلاحية. عملنا في الغرفة الفلاحية يغطي كل تراب الجهة، بما في ذلك إقليم تاونات بشكل كامل. وبحكم معرفتي الوثيقة بالإقليم، نسعى دائماً لإيلاء اهتمام خاص لاحتياجات فلاحيه، خاصة وأن الفلاحة هي النشاط الاقتصادي الرئيسي لمعظم سكانه.
قدمنا ونقدم للإقليم العديد من المبادرات في إطار برامج الغرفة. على سبيل المثال لا الحصر:
- تنظيم أيام تحسيسية وتكوينية بشكل دوري في مختلف جماعات الإقليم حول المواضيع التي تهم الفلاحين (مثل تقنيات الزيتون، التين، الحبوب، تربية المواشي، استخدام الأسمدة والمبيدات بشكل عقلاني، تدبير مياه السقي).
- دعم المشاريع الفلاحية الموجهة لمنتجات الإقليم المميزة (كالزيتون والتين).
- مواكبة التعاونيات الفلاحية بالإقليم، سواء في مجال التأسيس أو التدريب أو التسويق، والمساهمة في مشاركتها في المعارض.
- تقديم الدعم التقني والاستشاري للفلاحين.
- نعمل على إدماج مشاريع تهم الإقليم في برامج الغرفة وتنسيق الجهود مع مختلف الشركاء بالإقليم.
إقليم تاونات له مؤهلات فلاحية كبيرة، ونسعى جاهدين للمساهمة في تثمين هذه المؤهلات وتحسين ظروف عيش الفلاحين به.
جريدة فايس بريس: بعد البحث في مواقع التواصل الاجتماعي، وجدنا أن أبناء تاونات بشكل عام، وقرية با محمد بشكل خاص، يكنون لكم شعبية كبيرة ويحبونكم كثيراً. ما سر هذه الشعبية وهذا الحب؟
مصطفى الميسوري: (يبتسم بتواضع) هذا فضل من الله ومحبة الناس نعمة كبيرة أحمد الله عليها. لا أعتبر نفسي إلا خادماً لأهلي ولإقليمي ولجميع فلاحي الجهة. السر، إن كان هناك سر، يكمن في البساطة، الصدق، القرب من الناس، الاستماع إلى همومهم وتطلعاتهم، ومحاولة المساعدة قدر الإمكان وبما يسمح به موقعي ومسؤوليتي.
لم أنقطع يوماً عن إقليمي وأهلي. أحاول دائماً أن أكون قريباً منهم، أشاركهم أفراحهم وأتراحهم، وأبذل قصارى جهدي لخدمتهم في حدود الإمكانيات المتاحة. أعتقد أن الناس يقدرون الإخلاص في العمل، والتواصل المستمر، وعدم نسيان الجذور. أبناء تاونات وقرية با محمد أهلي وعزوتي، ومحبتهم هي أكبر رأسمال وأعظم وسام شرف بالنسبة لي. أسال الله أن أكون دائماً عند حسن ظنهم.
جريدة فايس بريس: شكراً جزيلاً لكم السيد مصطفى الميسوري على هذا الحوار الصريح والشيق، والذي أضاء لنا جوانب مهمة من عمل الغرفة الفلاحية بجهة فاس مكناس وعن شغفكم بخدمة القطاع وأهله.
مصطفى الميسوري: الشكر لكم ولجريدة فايس بريس على هذا الاهتمام. ونتمنى كل التوفيق لقطاعنا الفلاحي ولجميع فلاحي المملكة في ظل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.