وجه عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، تعليمات صارمة إلى الولاة والعمال، عبر المديرية العامة للجماعات الترابية، من أجل رصد ومعالجة الاختلالات التي شابت تنزيل مرسوم الصفقات العمومية رقم 2.22.431 الصادر بتاريخ 8 مارس 2023.
وتضمنت التعليمات، التي عمّمت على مختلف المصالح الترابية، دعوة صريحة لرؤساء الجماعات والمسؤولين عن المصالح الجماعية إلى موافاة الوزارة، عبر بريدين إلكترونيين خصصا لهذا الغرض، بجميع المشاكل والعراقيل التي تواجههم في تفعيل المرسوم، مع اقتراح حلول عملية لتجاوزها.
ويأتي هذا التوجه في إطار خطة إصلاحية تقودها مديرية مالية الجماعات الترابية لتدارك الأعطاب التقنية والإدارية التي تعيق سير الصفقات العمومية بالجماعات، خاصة في ظل تعدد الشكايات بشأن صعوبات الإعداد والتنفيذ النهائي للمشاريع.
وكشفت مراسلة موقعة من طرف المدير العام للجماعات الترابية، أن التقارير التفتيشية الأخيرة سجلت مجموعة من الاختلالات، من بينها تجاوز الاعتمادات المرصودة بميزانيات الجماعات، وصياغة بنود تمييزية في طلبات العروض، إضافة إلى شبهات محاباة سياسية وتضارب مصالح.
كما أشار المصدر ذاته إلى أن النصوص القانونية المنظمة للصفقات لم تواكب المتغيرات الاقتصادية الوطنية والدولية، مما أدى إلى “بلوكاج” في تنفيذ بعض المشاريع، وتدخل متكرر للمحاسبين العموميين واللجنة الوطنية للطلبيات العمومية.
وتحدثت مصادر متطابقة عن تعرض عدد من المقاولين لضغوط من طرف منتخبين محليين، بهدف تقديم عروض مشتركة مع مقاولات يملكها أقاربهم أو شركاؤهم السياسيون، رغم أن الصفقات تنظم عبر بوابة وطنية رقمية، إلا أن دفاتر التحملات ما تزال تخضع لتحكم محلي واسع.
وفي سياق ذي صلة، سجلت وزارة الداخلية خروقات مرتبطة بسوء استخدام سندات الطلب، التي لم تستفد منها المقاولات الصغيرة كما كان مأمولاً، بسبب استحواذ مقاولات كبرى على هذه الصفقات من خلال شركات فرعية تابعة لها.
وأحالت المصالح المركزية بالوزارة ملفات عشرات رؤساء الجماعات على محاكم جرائم الأموال، بعد رصد تجاوزات خطيرة، من بينها صرف نفقات دون خدمات مقابلة، واستعمال سندات الطلب لتفادي المساطر القانونية المنظمة للصفقات العمومية.
وتواصل وزارة الداخلية، وفق المصادر ذاتها، تتبع تنفيذ التعليمات الجديدة بصرامة، في أفق بلورة إصلاح شامل يضمن شفافية تدبير الطلبيات العمومية، ويحد من الهدر والفساد المالي داخل الجماعات الترابية.