بين زخم الفعاليات الثقافية والفنية، يلعب الإعلام دورًا محوريًا في عكس صورتها الحقيقية وإبرازها بما يليق بالمجتمع المضيف.
لكن واقع الحال في جهة فاس مكناس، وخصوصًا خلال مهرجان حب الملوك بصفرو وعدة مهرجانات أخرى، يكشف عن مشهد مختلف تمامًا، مشهد ينم عن إهمال واضح للصحفيين المحليين والجهويين، لا سيما من قبل المدير الجهوي للثقافة، الذي يفترض أن يكون الداعم والمحفز الأول لهم.
ليس خافيًا على المتابع أن باب مكتب المدير الجهوي للثقافة مغلق بإحكام أمام الإعلام المحلي والجهوي، بينما ينفتح بسعادة غامرة أمام الإعلام الوطني. هذا التفضيل الممنهج يعكس إقصاءً غير مقبول للصحفيين المحليين، الذين يمثلون نبض الشارع وعين المجتمع على الفعاليات. من المعيب حقًا أن نرى مديرًا جهويًا في جهة بحجم فاس مكناس يقصي إعلامها المحلي والجهوي.
مهرجان حب الملوك: منارة خافتة بفعل الإقصاء
مهرجان حب الملوك، الذي فقد بريقه منذ أن تولى السيد فؤاد المهداوي زمام أموره كمدير جهوي، تحول في نسخته الحالية بصفرو إلى مناسبة تعاني من الفوضى والإقصاء. هذا الإقصاء لم يقتصر على الفرق الفنية المحلية التي حرمت من المشاركة، بل امتد ليشمل الصحفيين الذين وجدوا أنفسهم خارج دائرة التغطية الإعلامية، محرومين من حقهم في متابعة فعاليات مهرجان مدينتهم ونقلها لجمهورهم.
تتجلى هذه الإشكالية في أن إدارة المهرجان تتخذ جميع قراراتها من مدينة فاس، متجاهلةً بشكل شبه تام للمسؤولين والفاعلين المحليين في صفرو. هذا التهميش أدى إلى شعور عميق بالهامشية والإقصاء من قبل الفاعلين الثقافيين والصحفيين على حد سواء. والمثير للدهشة أن المدير الجهوي للثقافة، السيد فؤاد المهداوي، الذي يشرف على المشهد الثقافي والفني بالجهة، لم يُبدِ أي مبادرة حقيقية لتغيير هذا الواقع أو لدعم الإعلام المحلي الذي يُعد شريكًا أساسيًا في نجاح أي فعالية ثقافية.
بل إن هناك ممارسة ملحوظة تتمثل في تفضيل وجوه إعلامية بعينها، تربطها علاقات خاصة مع المسؤولين، على حساب صحفيين محليين مستقلين أو جهات إعلامية أخرى. هذا التمييز يزيد من تعميق الإحساس بالظلم والإقصاء داخل الوسط الإعلامي بالجهة.
“فايس بريس” تقاطع: موقف مبدئي لدعم الإعلام المحلي
في هذا السياق، وكتعبير عن موقف مبدئي وراسخ، أعلنت جريدة “فايس بريس” مقاطعتها لجميع التظاهرات والأنشطة الثقافية والفنية التي تدعمها المديرية الجهوية للثقافة بجهة فاس مكناس. وتؤكد الجريدة، التي تغطي على الصعيد الوطني، التزامها بدورها ورسالتها الإعلامية في نقل الحقيقة والدفاع عن حقوق الصحفيين المحليين.
الإعلام المحلي: عين المدينة ولسانها
إن الإعلام المحلي في فاس وصفرو ليس مجرد مراقب سلبي، بل هو القوة الحقيقية التي تستطيع تسليط الضوء على الإيجابيات وكشف السلبيات. إنه المنصة التي يجب أن تمنح فيها فرص المشاركة والتغطية بشكل عادل ومنصف. فالإقصاء المتكرر لهؤلاء الصحفيين يضعف المهرجانات ويفقدها مصداقيتها، ويحولها إلى أحداث تدار بشكل روتيني لا يعكس الصورة الحقيقية للموروث الثقافي الغني.
إن ما يحدث في مهرجان حب الملوك هو نموذج يعكس أزمة أعمق في إدارة الشأن الثقافي بالجهة، حيث يُنظر إلى الإعلام كمجرد جهة ثانوية، وليس كشريك استراتيجي. المطلوب اليوم هو إعادة النظر في هذه السياسات، ودعم الصحفيين المحليين بكل الوسائل الممكنة، لكي يلعبوا دورهم الطبيعي في بناء صورة حضارية تعكس ثراء وجمال التراث الفني والثقافي في فاس مكناس.
في النهاية، لا يمكن لأي مهرجان أو فعالية ثقافية أن تنجح فعليًا دون دعم الإعلام المحلي، ودون إشراك حقيقي للفاعلين المحليين في تنظيم وتسيير هذه الأحداث. فالصحفي هو عين المدينة ولسانها، ومن دونه تفقد الفعاليات روحها وسمعتها.