أعادت إيران فتح مجالها الجوي فوق شرق البلاد، بعد اثني عشر يوما من التوتر العسكري الحاد مع إسرائيل، انتهى بوقف لإطلاق النار يبدو هشًا لكنه كافٍ لإعادة بعض ملامح الحياة الطبيعية، مثل استئناف حركة الطيران المدني، وعودة العمل بمطارات رئيسية من بينها مطار مشهد.
هذا التصعيد غير المسبوق بين إيران وإسرائيل بدأ بضربات إسرائيلية دقيقة استهدفت منشآت نووية إيرانية، وأدت إلى تعطيل حركة الطيران في منطقة تمتد من الخليج إلى آسيا الوسطى، في واحدة من أوسع عمليات الإغلاق الجوي في المنطقة منذ سنوات. في المقابل، ردت إيران بسلسلة هجمات صاروخية ومسيرات استهدفت قواعد عسكرية ومواقع حساسة، مما عمّق القلق من انزلاق الصراع نحو مواجهة شاملة قد تخرج عن السيطرة.
الحرب، رغم قصر مدتها الزمنية، خلفت خسائر بشرية كبيرة، تجاوزت 600 قتيل في إيران و28 في إسرائيل، إلى جانب أضرار مادية جسيمة أصابت بنيات تحتية مدنية وعسكرية، من بينها مواقع نووية ومطارات ذات طابع استراتيجي.
وقف إطلاق النار جاء بعد تدخل سياسي مباشر من الولايات المتحدة، وسط ضغوط من المجتمع الدولي، لا سيما مع تنامي المخاوف من انهيار الاستقرار الهش في الشرق الأوسط. وقد ساهمت الوساطة القطرية في تسهيل التواصل بين الطرفين، وفتح نافذة لخفض التوتر، بعدما كادت الضربات المتبادلة تتحول إلى حرب شاملة.
لكن هذه الهدنة، وإن كانت قد أوقفت نزيف التصعيد، لا تخفي حجم التوتر المتراكم بين طهران وتل أبيب، ولا تنفي وجود أرضية قابلة للاشتعال في أي لحظة، خصوصًا مع استمرار إيران في تطوير برنامجها النووي، ورفض إسرائيل لهذا التوجه باعتباره تهديدًا وجوديًا.
عودة حركة الطيران في الأجواء الشرقية لإيران ليست سوى مؤشر على نوايا للتهدئة، لكن الأجواء السياسية ما زالت ملبدة. فوقف إطلاق النار لا يعالج جذور الأزمة، ولا يضمن تفادي تصعيد مستقبلي ما لم تُبذل جهود دبلوماسية حقيقية لخلق مسار دائم للحوار ونزع فتيل التوتر.
الصراع الأخير بين إيران وإسرائيل كشف عن هشاشة الوضع الإقليمي، وعن حاجة ملحة لإعادة التفكير في آليات الضبط والردع، وفي دور القوى الكبرى في منع اندلاع نزاعات قد تكون لها تبعات كارثية على الأمن العالمي برمته.