يعمل المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، باستمرار على دعم الأمن الغذائي في إفريقيا، وهذا يشكل خيارا استراتيجيا وركيزة أساسية في سياسته الخارجية، القائمة على التضامن والتعاون جنوب-جنوب. وقد جددت المملكة هذا الالتزام خلال المؤتمر العام الرابع والأربعين لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) المنعقد في روما، حيث أبرزت الدور الريادي الذي تضطلع به في مرافقة الدول الإفريقية نحو تحقيق سيادتها الغذائية.
ويضع المغرب خبرته المتقدمة في عدد من القطاعات الحيوية، مثل الفلاحة المستدامة، وتدبير الموارد المائية، والصيد البحري، والطاقات المتجددة، والتكوين المهني، رهن إشارة الدول الإفريقية الشقيقة، في إطار مقاربة عملية تستجيب لاحتياجاتها الفعلية وتتماشى مع تحديات المرحلة، وفي مقدمتها التغيرات المناخية والتقلبات الجيوسياسية وتأثيرها على سلاسل التوريد.
وتترجم المملكة هذا الالتزام من خلال مبادرات ملموسة ورائدة، على غرار إنشاء اللجان الثلاث للمناخ (حوض الكونغو، منطقة الساحل، والدول الجزرية)، التي أطلقت بمبادرة ملكية سنة 2016 على هامش قمة المناخ بمراكش، إضافة إلى انخراطها النشيط في الجهود القارية والدولية لتعزيز صمود النظم الغذائية في وجه الأزمات.
كما تبرز المبادرة الملكية لتنمية الواجهة الأطلسية الإفريقية كإطار استراتيجي جديد يعزز حضور المغرب في خدمة الأمن الغذائي والتنمية القارية، عبر ربط منطقة الساحل بالمحيط الأطلسي، وتسهيل تدفق السلع والخدمات والموارد، وتوفير بنية تحتية لوجستية متطورة تدعم التبادل التجاري الزراعي، وتفتح آفاقا جديدة أمام الفلاحين والمنتجين الأفارقة.
ويعتمد المغرب في هذا المسار على نموذج قائم على تقاسم التكنولوجيا ونقل الخبرة وتوفير شروط الإنتاج المحلي، مع احترام خصوصيات كل دولة شريكة. كما يعمل على ضمان تموقع إفريقيا في سلاسل القيمة العالمية، وتمكينها من الوصول إلى الأسواق والتمويل، بما يسهم في تحقيق سيادة غذائية عادلة ومستدامة.
بهذه الرؤية، يكرس المغرب موقعه كشريك موثوق وفاعل مسؤول في تعزيز الأمن الغذائي الإفريقي، واضعًا التنمية البشرية في صلب تعاونه الإقليمي والدولي، ومستعدا لمواصلة دعم الجهود المشتركة لبناء مستقبل غذائي آمن لشعوب القارة.