أخزو زهير
تحت شعار “النضال” الزائف، تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة لتشويه الحقائق وتأليب الرأي العام، يقودها أفراد مثل هشام جريندو، ومحمد حاجب، وعلي المرابط. هؤلاء الأفراد، الذين يتطاولون بشكل سافر على المسؤولين القضائيين والأمنيين، والصحافيين والمحامين، ينسجون خيوط مؤامرة تستهدف رموز الدولة ومؤسساتها، بدعم من شبكة خفية داخل أرض الوطن.
تكشفت خيوط هذه المؤامرة مؤخراً، حيث باشرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية توقيفات متزامنة شملت أربعة أشخاص، في إطار تحقيقات معمقة أكدت ارتباطهم بـ”شبكة هشام جريندو الإجرامية”. هذه الشبكة، المتخصصة في التشهير بالأشخاص والقذف والإهانة والابتزاز ونشر وقائع ومحتويات كاذبة، تهدف إلى المساس بسمعة الأشخاص والمؤسسات.
وقد أودع المكتب الوطني لمكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة التابع للفرقة الوطنية المشتبه فيهم الأربعة تحت تدبير الحراسة النظرية، بناءً على أمر النيابة العامة. وتشير المصادر إلى أن الموقوفين كانوا يزودون هشام جريندو بـ**”وقائع كاذبة وادعاءات من نسج الخيال”** لاستغلالها في التشهير بالموظفين العموميين، ولأسباب تتعلق بـالانتقام الشخصي والادعاءات الكيدية.
فضيحة “الأكاذيب الملفقة” تتكشف:
كشفت التحقيقات المذهلة، المدعومة بتصريحات الموقوفين، أن هؤلاء كانوا يزودون جريندو بـمعطيات مختلقة بهدف الانتقام من خصومهم أو التشهير بمسؤولين في الأمن والقضاء والضغط عليهم لأغراض شخصية. الصادم أن جريندو كان ينشر هذه المعطيات دون أي تدقيق، فور تلقيه لها.
من بين الوقائع المثيرة التي كشفتها التحقيقات، اعترف أحد الموقوفين بأنه أرسل لجريندو معلومات مزعومة حول عملية تهريب محتملة لمخدر الشيرا بمنطقة مولاي بوسلهام، اتضح أنها من نسج خياله، وكان الهدف منها الضغط على أحد زبائنه الذي كان مديناً له بمبلغ 700 درهم! وفي واقعة أخرى، صرح مشتبه به ثانٍ بأنه أرسل معلومات مغلوطة حول شرطي في القصر الكبير، زاعماً ارتكابه تجاوزات مهنية، وذلك كجزء من انتقام شخصي، وهي المعطيات التي نشرها جريندو بتهور ودون تدقيق.
هذه المعطيات الدامغة لا تؤكد فقط أن الانتقامات الشخصية والادعاءات الكيدية هي المحرك الأساسي وراء فيديوهات جريندو، بل تثبت أيضاً أنه ينشر كل المحتويات التي يتلقاها من أي شخص، حتى لو كان غريباً، ويتبنى هذه المحتويات الكيدية في قالب ابتزازي وتشهيري.
حملات انتقامية تستهدف المؤسسات القضائية:
تواصل فرق البحث والتحقيق في الفرقة الوطنية للشرطة القضائية عملها لتحديد ارتباطات هشام جريندو بمشاركين ومساهمين آخرين ضمن شبكته الإجرامية، التي تسعى لجمع معطيات كاذبة ومصطنعة واستخدامها للمساس بالحياة الشخصية والاعتبارية للأفراد، وتحديد مدى ارتباط هذا الأسلوب الإجرامي بعمليات ابتزاز ممنهج أوسع نطاقاً.
تأتي هذه التوقيفات في سياق يبرز فيه أن هشام جريندو يستهدف المؤسسات القضائية بشكل خاص، وذلك بعد إدانة المحكمة الزجرية الابتدائية بعين السبع بالدار البيضاء أفراداً من عائلته بتهمة المشاركة في إهانة هيئة دستورية. وقد تراوحت الأحكام بين الشهرين حبساً موقوفة التنفيذ والغرامات المالية، وصولاً إلى سنتين وثلاث سنوات حبساً نافذاً لبعض أفراد عائلته وآخرين لهم علاقة به.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد سبق أن أصدرت غرفة الجنايات باستئنافية الرباط حكماً غيابياً بـ15 سنة سجناً نافذاً في حق اليوتيوبر هشام جريندو، المقيم في كندا، بتهمة “تكوين عصابة إرهابية لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والتهديد والعنف، وتحريض الغير وإقناعهم على ارتكاب أفعال إرهابية”.
محمد حاجب: “إرهابي” يمجد العنف من ألمانيا:
في سياق متصل، كشفت صحيفة “لابروفينسيا” الإسبانية في مقال عنونته بـ”مغربي يمجد الإرهاب على مواقع التواصل الاجتماعي”، أن محمد حاجب، المقيم في ألمانيا، يعمل على نشر الفكر الإرهابي المتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ويسعى حاجب إلى حث الشباب على التمرد ضد المؤسسات والسلطات الرسمية للمملكة المغربية، بالإضافة إلى استهداف مصالح الدول العربية والغربية، رغم إقامته في الديار الألمانية.
ويُعرف حاجب بنشاطه المكثف في الترويج للإرهاب والتحريض عليه بشكل جنوني عبر فيديوهاته و”لايفاته”. وقد سبق له أن اعتقل في ألمانيا سنة 2009 بعد عودته من باكستان، ثم اعتقل مرة أخرى في المغرب بتهم تتعلق بأنشطة إرهابية مرتبطة بالقاعدة، وحكم عليه بالسجن لمدة 7 سنوات.
إن ما تكشفه هذه التوقيفات والتحقيقات يمثل جرس إنذار حقيقي حول خطورة هذه الشبكات التي تتخفى وراء “النضال” لتنفيذ أجندات تهدف إلى زعزعة الاستقرار والتشهير بالمؤسسات والأفراد. فمتى تتوقف هذه الحملات التي تحولت إلى خناجر مسمومة في خاصرة الوطن؟