الجنس مقابل “الروشارج”: الوجه القبيح للتسول الإلكتروني والابتزاز الخفي

فايس بريسمنذ 6 ساعاتآخر تحديث :
الجنس مقابل “الروشارج”: الوجه القبيح للتسول الإلكتروني والابتزاز الخفي

أخزو زهير

في عصر تتسارع فيه وتيرة التحول الرقمي، تبرز على السطح ظواهر سلبية تتخذ من الفضاء الإلكتروني مرتعًا لها. من بين هذه الظواهر المقلقة، يتجلى التسول الإلكتروني كآفة خطيرة تستغل منصات التواصل الاجتماعي، وخاصة فيسبوك، لتنفيذ عمليات نصب واحتيال تستهدف فئات مختلفة من المجتمع. يكشف تحقيقنا عن ممارسات إجرامية متطورة، تتورط فيها شابات وقاصرات وحتى شباب ينتحلون صفات أنثوية، مستغلين بذلك بساطة الضحايا وحاجاتهم النفسية.

وجوه متعددة للاحتيال: من طلب المال إلى الاستغلال العاطفي

خلال بحث معمق في مجموعات ومنتديات فيسبوك، رصدنا أنماطًا متكررة لعمليات الاحتيال. تتظاهر شابات، بعضهن قاصرات، بأنهن ممرضات أو طالبات جامعيات يمررن بظروف مادية صعبة. يطلبن مبالغ مالية بحجة تغطية نفقات العلاج أو الدراسة. وفي حال رفض الضحية إرسال المال، يتغير الطلب ليصبح تعبئة رصيد هاتف (“روشارج”)، وهو ما يقلل من حجم الشكوك ويسهل عملية الاحتيال.

لكن الأخطر من ذلك هو وجود شبكات من الشباب ينتحلون صفات شابات، مستغلين بذلك غريزة التواصل والتحدث عبر الكاميرا. يتواصل هؤلاء مع ضحاياهم، وغالبًا ما يكون الهدف هو الابتزاز. عند طلب محادثة فيديو، يطلب المحتالون من الضحية أن يكون وحيدًا في الغرفة أو الشقة، وهي خطوة أولية نحو بيئة آمنة للمحتال لارتكاب جريمته. بعد فتح الكاميرا، يعمد هؤلاء إلى إظهار أجزاء من أجسادهم، في محاولة لاستغلال الضحية جنسيًا أو ابتزازه لاحقًا. أقر العديد من الضحايا الذين تواصلنا معهم بأنهم وقعوا فريسة لهذه الشبكات الإجرامية.

عصابات منظمة تتخفى وراء مآسي إنسانية

لم يقتصر التسول الإلكتروني على الأفراد، بل امتد ليشمل عصابات منظمة تستخدم تكتيكات أكثر تعقيدًا. رصدنا وجود عصابات إلكترونية تنتحل صفة لاجئين سوريين أو لبنانيين، مستغلين بذلك تعاطف الناس مع ضحايا الحرب والأزمات الإنسانية. ينسجون قصصًا مؤثرة ومفجعة عن معاناتهم وحاجتهم للمساعدة، بهدف جمع التبرعات المالية. هذه العصابات تتقن فن التلاعب بالمشاعر، وتستخدم صورًا وفيديوهات وهمية لتعزيز مصداقية قصصها، ما يجعل كشف زيفها أمرًا صعبًا على المتبرعين.

مخاطر جمة وضرورة التحرك

تشكل ظاهرة التسول الإلكتروني خطرًا مزدوجًا؛ فإلى جانب الخسائر المادية التي يتعرض لها الضحايا، فإنها تترك آثارًا نفسية عميقة عليهم، خاصة في حالات الابتزاز والاستغلال. كما أنها تساهم في تقويض الثقة المجتمعية، وتشويه صورة العمل الخيري والإنساني.

لمواجهة هذه الظاهرة المتنامية، يتوجب على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي توخي الحذر والشك في الطلبات المشبوهة، وعدم الانسياق وراء العواطف دون التحقق من هوية المتسولين. كما يتطلب الأمر تضافر جهود الجهات الأمنية والقضائية لتتبع هذه الشبكات الإجرامية وتقديم المتورطين للعدالة، بالإضافة إلى تكثيف حملات التوعية بمخاطر التسول الإلكتروني وأساليب الاحتيال المختلفة. فسلامة الفضاء الرقمي مسؤولية جماعية تتطلب يقظة مستمرة وتصرفًا حاسمًا.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة