أثار التصريح الأخير للدكتور سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة السابق، والذي أشاد فيه بالاحتجاجات “الحضارية والمشروعة” لساكنة آيت بوكماز ودعوته إلى “تفاعل عاجل لتحقيق مطالبهم التنموية”، موجة من التساؤلات والاستغراب في الأوساط الشعبية. ففي الوقت الذي اعتبر فيه البعض هذا الدعم خطوة إيجابية، لم يتمكن كثيرون من تجاوز التناقض الواضح بين هذه الإشادة والموقف السلبي الملاحظ خلال فترة ولايته الحكومية.
تُعرف منطقة آيت بوكماز، الواقعة في قلب الأطلس الكبير، بجمالها الطبيعي الخلاب وثرواتها السياحية المحتملة، إلا أنها في المقابل تُعاني من هشاشة تنموية كبيرة ونقص حاد في البجهود الأساسية. وقد خرجت ساكنة المنطقة مؤخرًا في احتجاجات تعبر عن مطالبها الملحة بتحسين ظروف عيشها وتوفير البنى التحتية الضرورية، من طرق ومستشفيات ومدارس وفرص عمل.
تصريح العثماني الأخير، دفع العديد من المواطنين إلى التساؤل بمرارة: “عندما كنت رئيسًا للحكومة، لماذا لم تفعل شيئًا لهذه المنطقة؟ وهل كانت آيت بوكماز غير موجودة في ذلك الوقت؟” هذا السؤال يعكس إحساسًا واسعًا بخيبة الأمل تجاه المسؤولين الذين لا يتفاعلون بجدية مع قضايا المواطنين إلا بعد مغادرتهم لمناصب المسؤولية.
يرى مراقبون أن هذا التصريح، وإن كان يحمل نوعًا من التعاطف مع الساكنة المحتجة، قد يُفهم أيضًا على أنه محاولة لتلميع الصورة بعد فوات الأوان. ففترة ترأس العثماني للحكومة امتدت لسنوات، وشهدت العديد من المناسبات التي كان يمكن فيها الالتفات إلى مناطق مثل آيت بوكماز ومعالجة مشاكلها التنموية بشكل استباقي.
إن التفاعل مع قضايا المواطنين يجب أن يكون مبدأ ثابتًا وملازمًا للمسؤولين في جميع مراحل مسارهم السياسي، وليس مجرد تصريحات تُطلق بعد مغادرة السلطة. تظل مطالب ساكنة آيت بوكماز مشروعة وملحة، وتستدعي استجابة حقيقية من الحكومة الحالية. لكن هذا الجدل حول تصريح العثماني يطرح سؤالًا أعمق حول مسؤولية القادة السياسيين في الاستماع إلى نبض الشارع والعمل على تحقيق تطلعات المواطنين، ليس فقط في الوقت الراهن، بل أيضًا في المستقبل.