هزّت مدينة فاس مؤخرًا فضيحة مدوية كشفت عنها مقاطع فيديو انتشرت كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل الاجتماعي، توثّق إهمالًا وتدهورًا غير مقبولين داخل مؤسسة خيرية من المفترض أن تكون ملاذًا آمنًا للأطفال الأيتام: خيرية دار الأطفال الوفاء بحي النرجس.
أظهرت هذه الفيديوهات، التي أثارت غضبًا واسعًا بين النشطاء والمواطنين، صورًا صادمة لوجبات عشاء وغداء لا تتجاوز العدس، تُقدّم بشكل متكرر للأطفال، في مشهد يثير تساؤلات حول التغذية السليمة التي يجب أن يحصل عليها هؤلاء الصغار. ولم تتوقف الصدمة عند نوعية الطعام، بل امتدت لتشمل الحالة المزرية لأماكن الأكل التي بدت متسخة وغير صحية، مما يطرح علامات استفهام كبرى حول معايير النظافة والصحة داخل المؤسسة.
إن ما تم ترويجه في هذه الفيديوهات ليس مجرد ملاحظات عابرة، بل هو دليل دامغ على سوء إدارة وتقصير فادح من قبل المسؤولين عن هذه الخيرية. فإذا كانت هذه المشاهد تعكس الواقع، فإنها تكشف عن وضع كارثي يعيشه أطفال لا حول لهم ولا قوة، ويعتمدون بالكامل على هذه المؤسسة لتلبية أبسط حقوقهم الأساسية من مأكل ومشرب ونظافة ورعاية.
لقد عكست ردود الأفعال على هذه الفيديوهات صرخة استنكار جماعية، مطالبة بفتح تحقيق فوري وشفاف للكشف عن ملابسات هذه الفضيحة ومحاسبة كل من يثبت تقصيره أو إهماله.
فمؤسسات رعاية الأيتام ليست مجرد مبانٍ، بل هي بيوت ثقة يجب أن توفر بيئة سليمة وصحية ونفسية لهؤلاء الأطفال الذين فقدوا الرعاية الأسرية.
إن هذه الحادثة يجب أن تكون جرس إنذار للسلطات المحلية والجهات الوصية على مؤسسات الرعاية الاجتماعية لإعادة النظر في آليات المراقبة والتفتيش، والتأكد من أن هذه المؤسسات تقوم بدورها على أكمل وجه. فكرامة الأطفال وحقوقهم خط أحمر لا يمكن التهاون فيه، ويجب أن تتضافر الجهود لضمان أن تبقى “دار الوفاء” وغيرها من المؤسسات الخيرية بالفعل مصدر وفاء وثقة لهؤلاء الأطفال، لا مصدر إهمال وخذلان.
فهل ستتحرك الجهات المسؤولة بسرعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإعادة الثقة في هذه المؤسسة التي لطالما كان يُنظر إليها على أنها ملاذ للأيتام؟