هزّت مدينة مراكش مؤخرًا قضية نصب واحتيال جديدة كشفت عن وجود شبكة إجرامية تستغل واجهة إعلامية وهمية للإيقاع بضحاياها. فقد باشرت فرقة الشرطة القضائية بالمدينة تحقيقًا في قضية شبكة ابتزاز تقودها امرأة تنتحل صفة صحفية، وترافقها شخص يعمل كحارس خاص، مستغلةً نفوذًا مزعومًا للنصب على المواطنين وابتزازهم.
انطلقت خيوط هذه القضية بعد أن تقدم صاحب مقهى للشيشة بحي الضحى بمقاطعة المنارة بشكاية رسمية، اتهم فيها المرأة وشريكها بابتزازه. وبحسب الشكاية، كان المتهمان يطالبانه بدفع مبالغ مالية شهرية تصل إلى 4000 درهم، مقابل ما سمياه “الحماية الإعلامية والأمنية”. وتوضح الشكاية أن هذا المبلغ كان يُدفع لتفادي نشر أي محتوى سلبي أو تشهيري عن المقهى أو صاحبه.
أفاد الضحية بأنه كان يرضخ لابتزازهم على مدار أشهر، بعد أن أوهمته المتهمة بامتلاكها نفوذًا وتأثيرًا على بعض المنابر الإعلامية المحلية. لكن مع مرور الوقت، تزايدت شكوكه حول مصداقية ادعاءاتهم، مما دفعه إلى التوجه للأجهزة الأمنية والتبليغ عن الواقعة.
ضبط المتهمين وحجز أدوات الجريمة
تحركت السلطات الأمنية بسرعة، وبعد تعليمات من وكيل الملك، نفذت عملية مداهمة داخل المقهى. وخلال العملية، تم ضبط عدد كبير من قنينات النرجيلة وكميات هامة من المعسل، وهو ما عزز قناعة الضحية بأنه كان ضحية لعملية احتيال محكمة، حيث لم تكن ادعاءات “الحماية” سوى وسيلة للتغطية على أنشطة مشبوهة.
تم حجز الهاتف الخاص بالمشتبه فيها لإجراء خبرة تقنية عليه، وذلك بهدف تتبع خيوط الشبكة وكشف هوية ضحايا آخرين محتملين. وتشير التحقيقات الأولية إلى أن نشاط هذه الشبكة قد لا يقتصر على مدينة مراكش فحسب، بل قد يمتد إلى مدن مجاورة مثل آسفي.
تزايد ظاهرة انتحال الصفة وتشويه صورة الإعلام
تأتي هذه القضية في سياق تزايد ملحوظ في حوادث انتحال صفة صحفي في المغرب. ففي مايو الماضي، كانت الأجهزة الأمنية قد أوقفت شخصين آخرين كانا يبتزان عناصر أمنية عبر بث مباشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي حادثة أثارت استنكارًا واسعًا في الأوساط الإعلامية.
ويرى المهنيون في قطاع الصحافة أن تكرار مثل هذه الحالات يسيء إلى صورة الإعلام الجاد ويقوض الثقة في الصحافة. ويطالبون بضرورة تفعيل القانون رقم 89.13 الذي ينظم المهنة، وتجريم انتحال صفة الصحفي بشكل صارم. كما يشددون على أهمية التنسيق بين السلطات الأمنية والمجلس الوطني للصحافة لوضع حد لهذه الظواهر التي تشوّه سمعة المهنيين الحقيقيين.
يذكر أن القانون الجنائي المغربي يعاقب على جريمة الابتزاز بالسجن لمدة تتراوح بين سنة وخمس سنوات، مع تشديد العقوبة في حال استخدام صفات كاذبة، مثل انتحال صفة صحفي أو رجل أمن، وهو ما ينطبق على هذه القضية. ولا تزال التحقيقات جارية تحت إشراف النيابة العامة للكشف عن كافة تفاصيل هذه الشبكة وتقديم المتورطين للعدالة.