الصحافية:خديجة المربوح
في زمن أصبحت فيه الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي معيارًا للنجاح، يخرج الشيف المغربي معارف ليعيد الاعتبار لفن الطبخ، ويثبت أن المطبخ الوطني يمكن أن يكون جسرًا للتواصل بين الثقافات ورسالة دبلوماسية ناعمة تخترق القلوب والمطابخ العالمية.
يُعدّ الشيف معارف ثمرة فخر لمبادرة التكوين المهني التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله منذ عقود، في إطار رؤيته النبيلة لتأهيل الكفاءات الوطنية وتطوير المهارات في قطاع الضيافة.
فمن مقاعد المدرسة الفندقية بأكادير، انطلقت رحلته الطموحة نحو العالمية، حيث واصل دراسته في المملكة المتحدة، ونال شهادات مرموقة في قلب العاصمة لندن، لتُصقل موهبته بالعلم والتكوين الراقي.
وفي مسار مهني حافل، عمل الشيف معارف في عدد من أرقى المؤسسات البريطانية، مؤكداً احترافيته العالية وقدرته على الإبداع. ما يميّزه حقًا هو تلك اللمسة الفنية التي تمزج ببراعة بين النكهات المغربية الأصيلة وفن الطبخ الأوروبي العصري، ليُبدع في تقديم أطباق تجسّد الهوية وتثير الإعجاب في آن واحد.
في حوار خصّ به إحدى الصحف الوطنية، عبّر معارف عن حاجتنا لطهاة حقيقيين يمثلون المطبخ المغربي في المحافل الدولية، بعيدًا عن التباهي الرقمي الفارغ، قائلاً:
> “نحن بحاجة لطهاة حقيقيين يمثلون مطبخنا دولياً وليس لمؤثرين.”
وأضاف منتقداً ظاهرة خلط الهواية بالاحتراف في مجال الطهي:
> “ليس كل من يطبخ طاجيناً هو شيف.. الفرق كبير بين الطباخين والطهاة.”
ويطمح معارف، الذي بصم اسمه في الساحة الدولية من خلال مشاركات فاعلة وإصدارات راقية، إلى إيصال المطبخ المغربي إلى منصات ميشلان العالمية، معتبراً أن التحدي لا يكمن في الطبخ فحسب، بل في الإبداع والانضباط والتجديد مع احترام الأصالة.
> “ليس سهلاً إقناع مطاعم بمستوى ميشلان باحتضان المطبخ المغربي، ونجمة ميشلان هدفي.”
واعتبر الشيف معارف أن الأطباق المغربية الأصيلة مثل الرفيسة والكسكس ليست فقط أطباقاً تقليدية، بل رسائل حضارية تختزل عبق التاريخ وثراء الهوية، قائلاً:
> “الرفيسة والكسكس يختزلان شعورنا وهويتنا، والبساطة تجسد رقي وجرأة مطبخنا ونفحاته الفريدة.”
وعن رسالته في عالم الطهي، شدد معارف على أن الطبخ هو لغة عالمية، وأن الطاهي الحقيقي يصبح سفيرًا لوطنه من خلال النكهات والمذاقات، مؤكدًا:
> “رسالتي أن أحمل المطبخ المغربي كهوية، وليس كعرض سياحي عابر.”
وتُوّجت هذه المسيرة بطبع مؤلفه العالمي “Unveiling The Flavours”، الذي يُعد من أوائل الكتب التي تقدم المطبخ المغربي من منظور احترافي. مزج فيه بين الحداثة والأصالة، لتصل الرسالة المغربية إلى قارئ دولي بمذاق ثقافي راقٍ.
إن تجربة الشيف معارف تمثل نموذجًا لطاهٍ حقيقي يُتقن أدواته ويُدافع عن مطبخه، ويؤمن أن الطريق إلى العالمية يمرّ عبر الجودة والهوية، لا عبر “الترند”. وهو اليوم يطهو للمغرب من قلب أوروبا، ويضيف كل يوم نكهة جديدة على خارطة الاعتراف الدولي بفن الطهي المغربي.