أخزو زهير
في زحمة الحياة اليومية، قد تمرّ علينا سياراتهم البيضاء اللامعة أو نرى أفرادهم بثيابهم المميزة وهم يؤدون مهامهم، لنتساءل عن طبيعة عملهم ودورهم الفعّال في صيانة أمن واستقرار البلاد. إنهم أفراد القوات المساعدة المغربية، جهاز أمني عسكري عريق يعمل تحت إشراف وزارة الداخلية، ويشكّل حلقة أساسية في منظومة الأمن الوطني، حاملاً على عاتقه مسؤولية خدمة الصالح العام والمساهمة في بناء مجتمع آمن ومستقر.
صمام أمان داخلي وخارجي: مهام متعددة ووحدات متخصصة
لا يقتصر دور القوات المساعدة على مهمة واحدة، بل يتسع ليشمل مجموعة واسعة من المهام التي تخدم الأمن العام في جوانب متعددة. فإلى جانب السلطة المحلية، يعمل أفراد هذه القوات على حفظ النظام العام، وتنظيم التجمعات، وضمان احترام القانون في الفضاءات العمومية. كما يساهمون بفعالية في تحرير الملك العمومي، ومكافحة مظاهر الانحراف والجريمة، مما يجعلهم قوة ردع وقائية في المدن والقرى على حد سواء.
وتتوزع مهام القوات المساعدة على مجموعة من الوحدات المتخصصة التي تعمل بتناغم لتغطية جميع التراب الوطني. من أبرز هذه الوحدات:
- وحدات المخزن المتنقل (GMM MM): هذه الوحدات هي بمثابة الذراع المرن للقوات المساعدة، فهي مجهزة بالكامل لتنفيذ مهام متعددة في جميع أنحاء المملكة. تتشكل من كتائب ذات تخصصات مختلفة، بما في ذلك وحدات الهندسة، والخيالة، والهجانة، وحتى وحدات القوات الخاصة. دورها لا يقتصر على حفظ الأمن والنظام، بل يشمل أيضاً التدخل في حالات الكوارث الطبيعية وحماية المراكز الحساسة.
- وحدات الحرس البلدي (GM): تعمل هذه الوحدات بشكل أساسي في المناطق الحضرية، حيث تتواجد في العمالات والمقاطعات الإدارية، وتعمل تحت إشراف وزارة الداخلية والأمن الوطني للحفاظ على الأمن والنظام العام في المدن.
- وحدات المخزن الإداري (MA): تتواجد هذه الوحدات في المناطق القروية، وتعمل تحت إشراف السلطة المحلية (القياد) للحفاظ على الأمن والاستقرار في الدوائر القروية، مما يضمن أن الأمن يصل إلى أبعد نقطة في البلاد.
مساهمة تاريخية وحضور قوي في الحاضر
لم يقتصر دور القوات المساعدة على الحاضر، بل يمتد إلى تاريخ عريق من التضحيات. فقد شاركت هذه القوات في حروب وطنية مصيرية مثل حرب الرمال سنة 1963، وحرب الصحراء ضد جبهة البوليزاريو، حيث أظهرت كفاءة قتالية وبسالة لا مثيل لها. كما يعود الفضل لها في تشكيل اللبنة الأولى لتأسيس القوات المسلحة الملكية سنة 1956، مما يؤكد عمق جذورها ودورها المحوري في تاريخ المغرب العسكري.
وإلى جانب مهامها الداخلية، تضطلع القوات المساعدة بدور حيوي في حماية الحدود، حيث تتمركز وحداتها على الشريط الحدودي الشمالي وفي الأقاليم الجنوبية، في إطار محاربة الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات. هذا الحضور المستمر على الحدود يبرز الدور الاستراتيجي لهذه القوات في الدفاع عن سيادة البلاد وحماية أمنها القومي.
العين الساهرة: التزام يومي بخدمة الوطن
يعمل حوالي 45 ألف عنصر من القوات المساعدة، أو “المخازنية” كما يُعرفون شعبياً، بتفانٍ وإخلاص لضمان سلامة المواطنين واستقرار البلاد. يخضعون لنظام عسكري صارم، ويُكلفون بمهام قد تكون خطيرة وشاقة، ولكنهم يؤدونها بروح المسؤولية والاحترافية.
إن القوات المساعدة ليست مجرد جهاز أمني، بل هي جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي، تقدم خدمات جليلة تسهم في إرساء دعائم دولة القانون والنظام. فمن خلال مهامها المتعددة، ووحداتها المتخصصة، وحضورها الفعال في جميع أنحاء المملكة، تثبت هذه القوات يوماً بعد يوم أنها العين الساهرة على أمن الوطن وخدمة المواطن، وتستحق كل تقدير واحترام.