في مشهد صادم يعكس حجم الاختلالات التي يعيشها قطاع الصحة والخدمات العمومية بسيدي سليمان، عاين طاقمنا الصحفي يوم أمس واقعة مؤلمة تُنذر بكارثة إنسانية حقيقية، حيث أصبح على المرضى دفع ثمن البنزين حتى يتم نقلهم إلى مستشفى القنيطرة لتلقي العلاج!
ففي حادثة وقعت يوم أمس، استدعى أحد المواطنين سيارة الإسعاف التابعة للجماعة من أجل نقل حالة صحية حرجة إلى المستشفى الإقليمي بالقنيطرة، ليتفاجأ المرافقين للمريض بطلب غريب من سائق سيارة الإسعاف:
“خلصو 200 درهم باش نعمر الكازوال”!
المفاجأة لم تتوقف هنا، بل عند ربط الاتصال بأحد نواب رئيس المجلس الجماعي، أكد هو الآخر هذا الأمر بشكل صريح، معتبرًا أن المبلغ “يدخل ضمن الجبايات الجماعية”، وكأن الأمر يتعلق بخدمة تجارية لا علاقة لها بالحق في الصحة أو الحياة.
أمام هذا الوضع المهين، اضطُر مرافقو المريض إلى اللجوء لسيارة خاصة تعود لأحد أصدقائهم، ونقلوه على وجه السرعة إلى المستشفى، في وقت كانت فيه كل دقيقة تعني الفرق بين الحياة والموت.
هذا المشهد يطرح أسئلة محرجة ومسؤوليات ثقيلة على عاتق الجهات الوصية، وعلى رأسها وزارة الداخلية ووزارة الصحة:
هل بات لزامًا على المواطن المغربي في سنة 2025 أن يحمل المال في جيبه ليشتري حقه في النجاة؟
وإذا تعلق الأمر بطفل أو مسن أو امرأة في حالة ولادة مستعجلة ولا يملكون 200 درهم، هل يُترك المريض لمصيره؟!
أين هي الحكامة؟ وأين هي كرامة المواطن التي طالما تغنينا بها في الخطب والشعارات؟
وهل يدري وزير الداخلية أن سيارات الإسعاف في سيدي سليمان لم تعد تنقذ الأرواح، بل “تبيع الخدمة بالتقسيط الممل”؟
نحن أمام نموذج حي لفشل منظومة التدبير المحلي، ومطلوب تدخل عاجل من الجهات المعنية، قبل أن يتحول الأمر إلى “جريمة بالصمت والتقاعس”.