عبد السلام العزيز: الحكومة تسعى للإجهاز على الدولة الاجتماعية

هيئة التحرير7 أغسطس 2025آخر تحديث :
عبد السلام العزيز: الحكومة تسعى للإجهاز على الدولة الاجتماعية

شن عبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، هجوماً لاذعاً على السياسات الحكومية، واصفاً إياها بالتراجعية والمخالفة لكل ما تزعمه من توجه نحو بناء دولة اجتماعية.
وجاء تصريح عبد السلام العزيز في حوار سياسي مطول مع برنامج “ضيف وسياق” على أثير إذاعة “كاب راديو
واتهم عبد السلام العزيز الحكومة الحالية بإفراغ الشعارات من مضامينها، وبتنزيل مشاريع قوانين دون أي مقاربة تشاركية، مما يعمق فقدان الثقة بين المجتمع والدولة.
وفي مستهل الحوار، استعرض العزيز موقف حزبه من اعتراض سفينة “الحرية” المتجهة نحو غزة، مشيراً إلى أن فيدرالية اليسار كانت سبّاقة إلى توجيه مراسلة رسمية إلى رئاسة مجلس النواب، ووزير الخارجية تنديداً بهذا الاعتداء.
واعتبر أن ما يجري في القطاع هو إبادة جماعية تتم في ظل تواطؤ بعض الأنظمة العربية وصمت المنتظم الدولي، قائلاً: “التاريخ لن يرحم أحداً، لا من صمت ولا من تواطأ”.
وانتقل العزيز إلى انتقاد مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة، واصفاً إياه بـ”الخطر الحقيقي” على حرية التعبير وحق المواطن في الوصول إلى المعلومة.
وأكد أن القانون جرى تمريره في غياب أي حوار جدي مع المهنيين، مشيراً إلى أن الصيغة المعروضة تحمل روحاً “ضبطية تقنينية سلبية”.
ولم يخفِ الأمين العام استغرابه من منح امتيازات التصويت في المجلس للمؤسسات ذات رقم المعاملات الأكبر، مما يعيد ـ بحسبه ـ منطق “المال مقابل الصوت”، وهو تصور تجاوزه العالم منذ قرن.
وفي معرض تقييمه لمشروع قانون المسطرة الجنائية الذي صودق عليه مؤخراً، عبّر العزيز عن قلقه العميق من مقتضيات المواد الجديدة، خصوصاً تلك التي تحد من قدرة المجتمع المدني والنيابة العامة على التبليغ عن الفساد.
وقال عبد السلام العزيز، أن “هذا القانون يمنح الفاسدين حصانة غير معلنة، ويوجه رسالة خطيرة للمجتمع مفادها أن الفساد مباح”.
وانتقد العزيز أيضاً تغييب صوت المحامين، والحد من صلاحيات القضاء الجالس، مشيراً إلى أن المسار التشريعي الحالي يعكس إرادة واضحة في ضرب الضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة.
وتطرق عبد السلام العزيز إلى الاقتصاد الوطني، مستندا إلى تقارير رسمية، مؤكداً أن المغرب يخسر حوالي 50 مليار درهم سنوياً بسبب الفساد. رقم “مخيف جداً”، على حد وصفه، يكفي لتشييد آلاف المدارس والمستشفيات، ولتأهيل التعليم والصحة العموميين.
وأضاف عبد السلام العزيز، أن الفساد لا يقتصر فقط على المنتخبين، بل يمتد إلى مستويات عليا داخل الدولة، مبرزاً استغلال المعلومات الداخلية والصفقات العمومية كأهم بوابات الإثراء غير المشروع.
وفي تقييمه لأداء الحكومة، اعتبر العزيز أن شعار “الدولة الاجتماعية” الذي ترفعه الحكومة مجرد “حبر على ورق”.
وقال الأمين العام لـ”الرسالة” “لا يمكن الحديث عن دولة اجتماعية والمواطن يضطر للجوء إلى التعليم والصحة الخاصين، أو يتحمل أعباء مالية خانقة للعلاج والتعليم”.
وأشار إلى أن أكثر من ربع القدرة الشرائية للأسر تبخرت في ظرف سنتين، حيث ارتفعت أسعار المواد الأساسية بنسبة تفوق 23% دون أن تقابلها زيادات ملموسة في الأجور أو تحسين في الخدمات.
كما تحدث عن هشاشة منظومة الحماية الاجتماعية، من التقاعد إلى التأمين الصحي، وصولاً إلى دعم العاطلين، متسائلاً: “كم مغربي اليوم يتلقى تعويضاً عن البطالة؟ الجواب: لا شيء تقريباً”.
وفي ما يخص الوضع السياسي العام، أقر العزيز بأن البلاد تعرف تراجعاً ديمقراطياً منذ سنوات، متحدثاً عن غياب أي “نفس ديمقراطي” حقيقي لدى الحكومة، واستمرار الممارسات القديمة رغم دستور 2011.
أما عن المعارضة، فرأى أنها تعاني من التشتت والانقسام، ولا تحظى بتصور موحد لما بعد 2026. وقال: “البعض في المعارضة يعارض فقط لأنه خارج الحكومة، والبعض الآخر له حدود في تصوره للنموذج الاقتصادي والاجتماعي، وهناك فئة ثالثة عاجزة أو خائفة من فقدان الامتيازات”.
وانتقد العزيز “ابتذال الممارسة السياسية” و”انجرافها نحو التهريج”، مؤكداً أن العمل السياسي فقد الكثير من نبله، وأن عدداً من الفاعلين السياسيين الحاليين يفتقدون للتكوين والرؤية، ما يجعلهم عاجزين عن اتخاذ القرارات الضرورية في اللحظات الحاسمة.
وعن أفق اليسار المغربي، دعا عبد السلام العزيز إلى توحيد الجهود، مذكراً أن فيدرالية اليسار الديمقراطي لا تزال تعتبر أن توحيد فصائل اليسار أولوية نضالية، رغم صعوبة الظرف السياسي. وختم قائلاً: “من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لا بد من جبهة اجتماعية وديمقراطية واسعة تُعيد للمواطن ثقته في السياسة، وتقطع مع الريع والفساد والتسلط”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة