كشف القمر الصناعي “نيسار” (اختصارا للرادار ذي الفتحة الصناعية التابع لوكالة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا) والمنظمة الهندية لأبحاث الفضاء ) عن أكبر عاكس هوائي على الإطلاق جاهز لمراقبة الأرض بدقة، حيث سيتتبع الجليد الأزلي والزلازل، وتغيرات النظم البيئية بدقة.
وأعلن العلماء عن إنجاز مهم في إطار المهمة المشتركة بين “ناسا” والمنظمة الهندية لنشر أكبر عاكس هوائي في التاريخ بنجاح في الفضاء. ويعرف هذا الهوائي باسم “الطبق الذهبي”، ويبلغ قطره 12 مترا ليشكل العنصر المحوري في القمر الصناعي “نيسار” (NISAR).
وأوضحوا أن القمر الصناعي “نيسار” صمم لرصد ما تعجز الكاميرات التقليدية عن رؤيته، إذ تتمثل مهمته في تتبع حركة الجليد تحت الغيوم ورصد أدق التشوهات في سطح الأرض بعد الزلازل أو ثوران البراكين، إلى جانب مراقبة التغيرات في الغابات والمستنقعات، مبرزين أن هذه المهمة تتميز ولأول مرة بدمجها بين رادارين يعملان في النطاقين L وS، ما يتيح الكشف عن التغيرات بدقة تصل إلى مستوى السنتيمتر الواحد، وهو عامل حاسم للتنبؤ بالكوارث الطبيعية وإدارة البنى التحتية، وبمستوى التفاصيل التي يوفرها.
ولفتوا إلى أنه، على سبيل المثال، للحصول على دقة قدرها 10 أمتار باستخدام هوائي تقليدي يلزم أن يبلغ طوله 19 كيلومترا، غير أن تقنية رادار الفتحة التركيبية (SAR) قادرة على محاكاة مثل هذه العدسة المستحيلة، ما يسمح بإنشاء صور عالية الدقة، بل وحتى “أفلام ثلاثية الأبعاد” للتغيرات التي تطرأ على سطح الأرض.
وأشار العلماء إلى أن نشر العاكس يُعد إنجازا هندسيا فريدا، إذ جرى طي الإطار الذي يبلغ وزنه نحو 646 كلغ، ويتكون من 123 عنصرا مغطاة بشبكة ذهبية، على شكل مظلة عملاقة، وقد استغرق فتحه ما يقرب من أسبوعين، حيث مُدّت الذراع التي يبلغ طولها تسعة أمتار، تلتها عملية نشر الأجنحة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المهمة تمثل تتويجا لعقود من تطوير تكنولوجيا الرادار، فقد أثبت قمر”Seasat” عام 1978 لأول مرة قدرة هذه التقنية، وفي التسعينات كشفت مهمة “Magellan” عن معالم كوكب الزهرة المخفي تحت الغيوم، أما اليوم، فإن “نيسار” يأخذ هذه التكنولوجيا إلى مستوى جديد، ليصبح أداة عالمية للرصد والإنذار المبكر، ذات تأثير مباشر على حياة ملايين البشر حول العالم.
يذكر أنه تم في 30 يوليوز الماضي، إطلاق القمر الصناعي “نيسار”، الذي يعادل حجمه حجم شاحنة صغيرة، من “مركز ساتيش داوان للفضاء” على الساحل الجنوبي الشرقي للهند، على متن صاروخ من مركبة لإطلاق الأقمار الصناعية المتزامنة مع الأرض، تتبع للمنظمة الهندية لأبحاث الفضاء.
وناهزت مساهمة “ناسا” في المشروع 1,2 مليار دولار، بينما بلغت تكاليف المنظمة الهندية حوالي 90 مليون دولار.