أثارت واقعة الزفاف الفاخر لبارون المخدرات المدعو “موسى” في إقليم الناظور، والذي تحوّل إلى استعراض فجّ للبذخ وخرق سافر للقوانين، موجة غضب واسعة واستياءً شعبياً عارماً. لم يكن الحدث مجرد احتفال عادي، بل كان استعراضاً للقوة والنفوذ، تمثل في إطلاق النار في الهواء ومرور مواكب سيارات فارهة، كل ذلك دون تدخل يُذكر من السلطات الأمنية، مما دفع المواطنين والفاعلين المحليين إلى التساؤل عن دور الدولة في فرض القانون.
لم يمر وقت طويل على هذه الحادثة حتى جاءت ردة فعل غير متوقعة، حيث أصدرت القيادة العليا للدرك الملكي قراراً بإعفاء الكولونيل رضوان لهبوب من مهامه كقائد جهوي للدرك الملكي بالناظور. هذا القرار، وإن لم يصدر ببيان رسمي يربطه مباشرة بواقعة الزفاف، فقد فُهم على نطاق واسع كإجراء تأديبي صريح، وكاعتراف ضمني بالتقصير في التعامل مع خروقات خطيرة تمس هيبة الدولة وسيادة القانون.
إن إعفاء المسؤول الأمني الكبير في هذه المنطقة الحساسة يطرح عدة تساؤلات حول جدية السلطات في محاربة مظاهر التسيّب والفساد، خاصة عندما يكون مرتكبوها من أصحاب النفوذ. هل يمكن اعتبار هذه الخطوة بداية نهاية زمن “عرابدة” المخدرات الذين اعتادوا على تجاوز القانون؟ وهل ستتبعها إجراءات أخرى أكثر حزماً لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث التي تهز الثقة في مؤسسات الدولة؟
إن ما حدث في الناظور يمثل جرس إنذار للسلطات بضرورة إعادة النظر في استراتيجيتها الأمنية في المناطق المعروفة بنشاط شبكات المخدرات. فالأمر لا يقتصر على مجرد محاربة التهريب، بل يتعداه إلى القضاء على النفوذ الذي اكتسبته هذه العصابات، وهو نفوذ يتجاوز حدود المال ليشمل القدرة على تجاوز القانون والتباهي بذلك في العلن.