م/ط القنيطرة
” إشادة بالمجهودات التنظيمية وانتقادات إيجابية لتجويد النسخ المقبلة و رسائل إلى رئيس مؤسسة عامل الإقليم عبد الحميد المزيد !”
تشهد مدينة القنيطرة، من 23 إلى 26 غشت الجاري، ميلاد أول نسخة من المهرجان الوطني للقنيطرة، الذي نظم تحت شعار: “القنيطرة… فضاء للتنوع والإبداع”، بمناسبة عيد الشباب. وقد شكلت هذه الدورة محطة بارزة في المشهد الثقافي والفني الوطني، بعدما استقطبت مئات الآلاف من الجماهير التي ملأت فضاءات العروض على مدى أربعة أيام.
نجاح جماهيري مثير
الإقبال الجماهيري كان عنوان الدورة بامتياز، حيث تجاوز عدد الحضور في بعض الليالي 260 ألف متفرج، وهو ما عكس تعطش ساكنة القنيطرة وزوارها لفضاءات فنية وثقافية راقية. ووسط هذه الأجواء المبهجة، تمكنت اللجنة المنظمة، بدعم من السلطات الإقليمية و المحلية الترابية والأمنية، من تأمين الأجواء وضمان انسيابية الدخول والخروج، مع توفير الخدمات الأساسية للحاضرين.
برمجة فنية متنوعة وأجواء احتفالية
تميز المهرجان بمشاركة ثلة من ألمع النجوم المغاربة، من أمثال حاتم عمور، Aminux، H-Kayne، الغراندي طوطو، عادل الميلودي، وسعد لمجرد، إلى جانب أسماء محلية صاعدة تركت بصمتها على المنصة. هذه البرمجة أضفت على الدورة حيوية فنية كبرى، حيث امتزجت الأنماط الموسيقية بين الشعبي والراب والطرب، مما أتاح للجمهور فرصة عيش تجربة فنية متكاملة.
إشادة بالمجهودات التنظيمية
الجمهور ووسائل الإعلام أشادوا بالدينامية التي عرفتها المدينة خلال هذه التظاهرة، معتبرين أن المهرجان لم يكن مجرد سهرات فنية، بل كان أيضا مناسبة للتلاقي بين الرياضة والفن والثقافة والتراث. فإلى جانب الحفلات الكبرى، نظمت ورشات ومعارض وندوات فكرية ورياضية، ما جعل من القنيطرة قبلة للاحتفال والفرجة.
انتقادات إيجابية… فرص للتجويد والارتقاء
رغم النجاح الذي يرافق الدورة الأولى، فقد برزت بعض الانتقادات الإيجابية كتدوينات ورسائل عبر الإعلام المواطن إلى عمالة القنيطرة ، التي لا تمس جوهر المهرجان بقدر ما تسعى إلى تطويره مستقبلا:
1. التمويل العمومي والميزانية:
برزت أصوات مطالبة بمزيد من الشفافية في تدبير ميزانية المهرجان، التي بلغت 500 مليون سنتيم. ودعت هذه الآراء إلى نشر تقارير مالية مفصلة، وإحداث لجنة رقابية تضم فاعلين مدنيين وخبراء ماليين، مع السعي إلى تنويع مصادر التمويل عبر شراكات مع القطاع الخاص.
2. تنويع البرمجة الفنية:
رغم نجاح السهرات، دعا متتبعون إلى موازنة أكبر بين الشعبي والراب والطرب والتراث، مع تخصيص ليالٍ موضوعاتية مثل “ليلة التراث الغرباوي”، و”ليلة الشباب”، و”ليلة الطرب”، فضلا عن إشراك الفنانين المحليين عبر مسابقات فنية تمهيدية.
3. التنظيم اللوجستيكي:
أُثني على الجهود الأمنية والتنظيمية، لكن لوحظت بعض الصعوبات المرتبطة بمواقف السيارات والاكتظاظ في الممرات. واقترح الجمهور إحداث فضاءات إضافية لركن السيارات مع خدمات نقل مكوكية، وتوسيع فضاءات العروض، واعتماد تذاكر إلكترونية رمزية لتفادي الفوضى.
4. البعد الثقافي والفكري:
رغم إدراج بعض الورشات والمعارض، رأى متابعون أن الطابع الفني طغى على الجانب الثقافي والفكري. ومن هنا برزت مطالب بتنظيم ندوات وموائد مستديرة، وربط المهرجان بالجامعات والمدارس، وإبراز التنوع الثقافي المغربي من خلال العروض الموازية.
5. توزيع الفعاليات على الأحياء:
تركز أغلب العروض في فضاء واحد، ما أثار مطالب بتوسيع نطاقها إلى مختلف أحياء القنيطرة، عبر سهرات فرعية وعروض جوالة للفرق الشعبية والفلكلورية، لتعميم أجواء المهرجان على مختلف الفئات.
6. التسويق الإعلامي الدولي:
رغم الحضور القوي وطنيا، كان التسويق الدولي محدودا. وقد اقترح المتتبعون تعزيز التعاون مع القنوات العالمية، وتوفير بث مباشر متعدد اللغات، إلى جانب إنتاج فيديوهات ترويجية للتعريف بالقنيطرة كوجهة سياحية وثقافية.
لكن يبقى المهرجان في حاجة الى رؤية مستقبلية، الذي أثبتت دورته الأولى أن المدينة قادرة على احتضان تظاهرات كبرى تضاهي المهرجانات الوطنية والعالمية. غير أن النجاح الجماهيري والتنظيمي يحتاج إلى مواكبة متواصلة عبر اعتماد مقاربة تشاركية وشفافة، تدمج جميع المكونات الفنية والثقافية، وتوزع ثمار المهرجان على كل الأحياء والفئات.
وهكذا، فإن النسخة الأولى التي لقيت إشادة واسعة، قد وضعت الأساس لتظاهرة سنوية مرجعية، يمكن أن تتحول إلى قوة ناعمة تساهم في إشعاع القنيطرة وطنيا ودوليا، شريطة استثمار الملاحظات الإيجابية وتحويلها إلى فرص للتجويد٠.