عند مدخل الطريق السيار بمدينة تازة، لم يعد المشهد المألوف لوجود رجال الدرك الملكي عند نقطة الأداء مجرد إجراء روتيني. فما كان يبدو كإجراء أمني عادي، تحوّل في نظر العديد من السائقين إلى “كمين” أو “فخ” ممنهج، يثير تساؤلات جدية حول شرعية هذه الممارسات ومدى توافقها مع القوانين المعمول بها.
المشهد يتكرر يومياً، وهو ما وثقه عدد من المواطنين. بعد تجاوز محطة الأداء، يفاجأ السائق بوجود دورية للدرك الملكي تطلب وثائق السيارة. لكن الصدمة الحقيقية تكمن في السبب، فغالباً ما يكون الجواب: “كنت تسير بسرعة 76 كلم/سا”. الغريب في الأمر هو أن الرصد لا يتم من قبل الدورية الواضحة، بل بواسطة دركي آخر، يختبئ تحت شجرة أو في مكان غير مرئي، حاملاً جهاز الرادار، ليقوم بتصوير المخالفة وإرسالها إلى زملائه عند مدخل الطريق.
كمين مُخالف للقانون؟
تتعالى الأصوات المُطالبة بوقف هذه الممارسات التي يعتبرها الكثيرون غير شفافة ومُخالفة لمبادئ مدونة السير. ففي الوقت الذي ينص فيه القانون على حق السائق في الاطلاع على صورة المخالفة للتأكد من صحتها، يجد المواطنون أنفسهم في مواجهة مباشرة مع رفض قاطع من قبل الدركيين، الذين يُخبرونهم بأن “ليس من حقك التحقق”.
يشير خبراء قانونيون إلى أن هذا التكتيك لا يجد أي سند قانوني. فوفقاً للمادة 230 من مدونة السير، يحق للسائق الذي تُحرر ضده مخالفة أن يطلب رؤية الصورة التي تُثبت ارتكابها. كما أن المادة 194 تلزم الدركي الذي يستخدم الرادار بمراقبة ومعاينة المخالفة وتحرير المحضر بنفسه في عين المكان، وليس بناءً على رصد من موقع بعيد وغير مرئي.
هل الرادار الخفي شرعي؟
القضاء المغربي سبق له أن أخذ موقفاً واضحاً من هذه الممارسات. حيث ألغت محاكم في قضايا سابقة محاضر مخالفات تم تحريرها بناءً على رصد برادار مخفي، مُعللة ذلك بأن مبدأ الشرعية يفرض أن يكون الرصد في مكان علني وواضح. هذا المبدأ يُرسخ ثقة المواطنين في المؤسسات الأمنية، وهو ما يفقده هذا التكتيك الذي يمنع السائق من التحقق من صحة المخالفة ويُولد لديه شعوراً بعدم الشفافية.
الوضع عند مدخل الطريق السيار بتازة يُثير قلقاً كبيراً، فالمشكلة ليست في وجود الرقابة الأمنية بحد ذاتها، بل في الطريقة التي تتم بها. فبدل أن تكون الرقابة وسيلة لفرض الانضباط، تُصبح في نظر البعض أداة لجمع الغرامات المالية بطريقة تفتقر إلى الشفافية والوضوح.
نداء إلى القائد الجهوي
في ظل هذا الوضع المُتأزم، يطالب المواطنون وكل من تضرر من هذه الممارسات، الكولونيل الحسين مستور، القائد الجهوي للدرك الملكي بمدينة تازة، بالتدخل العاجل لفتح تحقيق في هذه القضية ووضع حد لهذه التجاوزات. فهل سيستجيب القائد لنداء المواطنين ويُعيد الثقة في الأجهزة الأمنية؟ أم أن “كمائن” تازة ستستمر في حصد غرامات جديدة وإثارة المزيد من الجدل؟