فايس بريس الرشيدية
عادت قضية وفاة الطفل محمد بويسلخن لتشعل فتيل الغضب الحقوقي والمدني في المغرب، بعد أن نفّذت “لجنة الحقيقة والمساءلة” اعتصامًا ليليًا أمام محكمة الاستئناف بالرشيدية. هذا التحرك، الذي وُصف بأنه “نضالي غير مسبوق”، يأتي للمطالبة بإنهاء الغموض المحيط بملف الطفل الراعي الذي عُثر عليه متوفيًا في ظروف غامضة، قبل أن تُصنّف قضيته رسميًا كـ”جناية قتل عمد”.
من “انتحار” إلى “قتل عمد”: مسار قضية بويسلخن
تُعيد هذه القضية، التي تعود تفاصيلها إلى أسابيع مضت، إثارة تساؤلات حول آليات التحقيق الجنائي وسرعته. ففي البداية، صُنّف موت الطفل محمد بويسلخن (14 عامًا)، والذي وُجد جثة معلقة في منطقة نائية بإقليم ميدلت، على أنه “انتحار”. لكن الضغط المتواصل من المجتمع المدني والنشطاء الحقوقيين دفع السلطات إلى إعادة فتح الملف وتغيير توصيفه إلى “قتل عمد”.
ورغم هذا التغيير، تؤكد لجنة الحقيقة والمساءلة على أن التحقيقات لم تُفضِ بعد إلى نتائج ملموسة، مما يثير الشكوك حول جدية التعامل مع القضية.
“سنُبدع أشكالًا نضالية مقلقة أخرى”
عبّر الكبير قاشا، عضو لجنة الحقيقة والمساءلة، عن إصرار اللجنة على مواصلة نضالها، قائلًا في تدوينة على فيسبوك: “سيظل صوت لجنة الحقيقة والمساءلة في مقتل الطفل الراعي محمد بويسلخن مزعجًا لبال الجناة وحماتهم”. وأضاف أن الاعتصام الليلي هو مجرد بداية، وأن اللجنة “ستُبدع أشكالًا نضالية مقلقة أخرى”، مؤكدًا أنهم هنا “لِنُقلق لا لِنُريح”.
العدالة للطفل الراعي: مطلب جماعي
شددت اللجنة خلال اعتصامها على ضرورة فتح تحقيق قضائي شامل ونزيه يشمل جميع الأطراف، داعية إلى محاسبة كل من قد يكون له يد في وفاة الطفل ومنع أي إفلات من العقاب. وتعتبر اللجنة أن هذا النوع من القضايا، لا سيما عندما يتعلق الأمر بقاصر من بيئة قروية مهمشة، هو بمثابة اختبار حقيقي لمدى جدية المؤسسات في حماية المواطنين وضمان العدالة.
تطورات قضائية: إحالة الملف على قاضي التحقيق
على الصعيد القضائي، قرر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرشيدية إحالة ملف وفاة الطفل محمد بويسلخن على قاضي التحقيق، مع المطالبة بفتح تحقيق ضد مجهول من أجل “جناية القتل العمد”. وقد جرى تحديد جلسة التحقيق الإعدادي الأولى، كما تم استدعاء ستة أشخاص، من بينهم والد الطفل، للإدلاء بشهاداتهم.
وفي تصريح سابق أوضح المحامي صبري لحو، دفاع المشتكي، أن المرحلة القضائية الحالية تمثل بداية المسار الحقيقي للبحث عن الحقيقة، مؤكدًا أنهم سيجددون أمام قاضي التحقيق طلباتهم السابقة التي لم تلق التفاعل المطلوب من النيابة العامة.