يشهد القطاع الصحي بإقليم صفرو أزمة عميقة ومتجذرة، حيث يواجه المواطنون صعوبات متزايدة في الحصول على رعاية صحية لائقة. وتتجلى هذه الأزمة بوضوح في مستشفى محمد الخامس الإقليمي، الذي يُعد الملاذ الوحيد للفئات الهشة، لكنه يعاني من اختلالات هيكلية تهدد الحق الدستوري في الصحة وتزعزع الثقة بين المواطن والمؤسسة.
واقع مؤلم وشكاوى متزايدة
وفقًا لشهادات المرتفقين وتقارير محلية، يواجه المستشفى سلسلة من المشاكل التي تفاقم معاناة المرضى. ويعتبر النقص الحاد في الأطر الطبية والتمريضية من أبرز التحديات، حيث يضطر الأطباء للعمل تحت ضغط هائل، ما يؤثر سلبًا على جودة التشخيص والعلاج. كما تعاني قاعات الانتظار من الاكتظاظ وانعدام شروط النظافة والتهوية، ما يزيد من خطر انتقال العدوى ويضاعف من آلام المرضى.
الوضع يزداد تعقيدًا مع التأخر الكبير في المواعيد الطبية، حتى في الحالات الحرجة، ما قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة. علاوة على ذلك، أشار عدد من المرتفقين إلى تدخلات غير مهنية من عناصر الأمن الخاص، الذين يتجاوزون صلاحياتهم، ويتسببون في احتكاكات مع المرضى، وذلك في ظل غياب أي تكوين يؤهلهم للتعامل مع الحالات الإنسانية الحساسة.
كما كشفت شهادات صادمة عن تلفيق تهم واهية لبعض المرتفقين، خصوصًا خلال عطلات نهاية الأسبوع، وهو سلوك يفتقر إلى المهنية ويُعد انتهاكًا صارخًا لحقوق المرضى. وقد أشار بعض المرتفقين إلى أن بعض الممرضين يفضلون الانشغال بهواتفهم المحمولة بدل أداء واجباتهم المهنية، وهو ما يتطلب تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة بشكل فوري.
خلفية الأزمة: القطاع الخاص ليس حلاً للجميع
رغم افتتاح مصحة خاصة حديثة في المدينة، إلا أنها لا تستطيع استيعاب الطلب المتزايد على الخدمات الصحية، خاصة من قبل الفئات التي لا تستطيع تحمل تكاليف العلاج في القطاع الخاص. هذا الواقع يضع عبئًا إضافيًا على المستشفى الإقليمي، ويجعل من الضروري تعزيز العرض الصحي العمومي وتوسيع نطاقه لضمان حق الجميع في العلاج.
ما يحدث في مستشفى صفرو ليس مجرد حادث عابر، بل هو انعكاس لأزمة هيكلية متراكمة. استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تداعيات اجتماعية وصحية وخيمة، ويهدد مصداقية المؤسسات العمومية، ويقوض الثقة بين المواطن والدولة.
توصيات عاجلة لإنقاذ الوضع
لمعالجة هذه الأزمة، لا بد من اتخاذ إجراءات فورية وجذرية:
* فتح تحقيق شامل وشفاف في حالات سوء المعاملة وتلفيق التهم، مع حماية المرتفقين من أي تعسف.
* تعزيز الموارد البشرية من أطباء وممرضين، مع تحسين ظروف عملهم وتوفير فرص التكوين المستمر.
* تنظيم مهام الأمن الخاص وتحديد صلاحياتهم بوضوح، مع تدريبهم على التعامل الإنساني مع المرضى.
* تحسين البنية التحتية للمستشفى، خاصة قاعات الانتظار، وتوفير وسائل الراحة الأساسية.
* فرض رقابة صارمة على أداء الأطر الصحية، وضمان التزامهم بواجباتهم المهنية.
إشادة مستحقة للضمائر الحية
من الضروري الإقرار بأن هناك أطباء وأطراً إدارية شريفة تعمل بتفانٍ ونزاهة، وتقدم أفضل ما لديها في ظل ظروف صعبة. هؤلاء الأفراد يستحقون كل التقدير والدعم، ويجب أن يكونوا في طليعة أي جهود إصلاحية مستقبلية، ليعود مستشفى صفرو منارة صحية حقيقية تخدم مواطني الإقليم بكل كرامة وعدل.
عبد العزيز ابوهدون المنسق الوطني للمنظمة المغربية لمحاربة الرشوة وحماية المال العام و رئيس مكتبها الجهوي بجهة فاس مكناس