في قلب مدينة فاس العريقة، حيث الهدوء ينساب مع أزقة التاريخ، كان هناك عالم آخر ينمو في الظلام، عالم يتربص بالشباب ويستغل واجهة المقاهي لممارسة أنشطة مشبوهة. لكن ذلك العالم لم يعد خفياً بعد الآن، ففي عملية أمنية نوعية وغير مسبوقة، وجهت السلطات الأمنية ضربة قاصمة لأوكار الشيشة، لتكشف عن شبكة واسعة من الممارسات غير القانونية التي كانت تهدد سلامة المجتمع.
مداهمات ليلية تكشف المستور
لم تكن هذه العملية مجرد حملة تفتيش روتينية. فبناءً على معلومات دقيقة، تحركت فرق خاصة من الاستعلامات العامة وفرقة مكافحة العصابات والأمن العمومي التي قادها رئيس الاستعلامات العامة بالمنطقة الأمنية بنسودة و رئيس المنطقة أمنية الرابعة و بتعليمات والي أمن فاس، لتداهم عدداً من المقاهي في مقاطعة زواغة. كانت هذه الأماكن، التي يظهر عليها الإقبال الشديد، تتحول ليلاً إلى ما يشبه “أوكار الدعارة”، مستغلة سراً غياب الرقابة. أسفرت المداهمات عن توقيف عدد من الأشخاص وحجز كميات ضخمة من أدوات الشيشة، لتسدل الستار على ما كان يحدث خلف الأبواب المغلقة.
حماية الشباب: أولوية لا تقبل المساومة
لم تتوقف الحملة عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل المقاهي التي تتخذ من محيط المؤسسات التعليمية مكاناً لها. فانتشار ظاهرة الشيشة في محيط المدارس كان يشكل خطراً حقيقياً على مستقبل الشباب وصحتهم. هذا التحرك الأمني الاستباقي يعكس يقظة الأجهزة الأمنية التي لا تنام، والتي تعتبر حماية الشباب من التأثيرات السلبية لهذه الأماكن أولوية قصوى. وقد لاقى هذا التحرك استحساناً كبيراً من قبل السكان الذين اعتبروه خطوة هامة في حماية أبنائهم.
“العقل المدبر”: الدور المحوري للاستعلامات العامة
إن نجاح هذه العملية لم يكن ليتحقق لولا الدور الاستخباري الحاسم الذي لعبته فرق الاستعلامات العامة. فقد كانت هذه الفرق هي “العقل المدبر” وراء هذه الحملة، حيث قامت بجمع معلومات دقيقة وحساسة حول المقاهي التي تتستر وراء واجهات بريئة. هذه المعلومات الاستخباراتية هي التي مكنت الفرق الأمنية من تنفيذ مداهماتها بفاعلية، ووضع يدها على “الجانب المظلم” لهذه المقاهي.
في النهاية، تؤكد هذه العملية أن الأجهزة الأمنية في فاس تقف بالمرصاد لكل من يحاول المساس بأمن المدينة وسلامة مواطنيها. إنها رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه العبث بمستقبل الشباب، بأن الأمن لا ينام، ويقظة العين الساهرة هي السبيل للحفاظ على مجتمع آمن ونظيف.