وهبي: العقوبات البديلة تدخل حيز التنفيذ لتخفيف الاكتظاظ وتحقيق العدالة بكرامة

هيئة التحرير20 سبتمبر 2025آخر تحديث :
وهبي: العقوبات البديلة تدخل حيز التنفيذ لتخفيف الاكتظاظ وتحقيق العدالة بكرامة

أكد وزير العدل عبد اللطيف وهبي أن العقوبة السجنية لم تعد تمثل الحل الأنسب أو الخيار الوحيد لمواجهة الجريمة، خاصة في ظل التحديات المالية والإنسانية التي تطرحها، مشددا على أن السياسة الجنائية الحديثة تتجه نحو ترشيد العقاب وتوسيع اعتماد العقوبات البديلة بما يحقق فعالية الردع وإعادة الإدماج في آن واحد.

وأوضح الوزير أن القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة دخل حيز التنفيذ ابتداءً من 22 غشت 2025، مضيفا أن صياغة هذا النص استندت إلى مرجعيات وطنية ودولية متعددة، من أبرزها التوجيهات الملكية السامية، وتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ومخرجات الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، ومناظرة مكناس حول السياسة الجنائية سنة 2004، إلى جانب مقترحات المؤسسات الدستورية والهيئات المدنية، والمعايير الدولية المرتبطة بتعزيز الحقوق والحريات.

وجاءت تصريحات المسؤول الحكومي في سياق جوابه عن سؤال كتابي تقدمت به النائبة البرلمانية لطيفة اعبوث، بخصوص تغليب العقوبات البديلة على العقوبات السالبة للحرية في السياسة الجنائية المغربية.

وأوضح وهبي أن القانون الجديد يسعى إلى إرساء إطار متكامل للعقوبات البديلة، سواء من خلال التنصيص عليها في مجموعة القانون الجنائي، أو عبر وضع ضوابط إجرائية دقيقة لتنفيذها في قانون المسطرة الجنائية.

ويهدف هذا التوجه إلى معالجة الإجرام البسيط بمقاربة تأهيلية وإدماجية، والمساهمة في التخفيف من حالات الاكتظاظ داخل السجون، حيث يسمح النص القانوني للمحكوم عليهم بأحكام نهائية لا تتجاوز خمس سنوات بالاستفادة من البدائل وفق الشروط المنصوص عليها.

وفي المقابل، لم يخف الوزير وجود تحديات حقيقية تواجه تفعيل هذا النظام الجديد، في مقدمتها وعي المجتمع وتقبله لفكرة العقوبات البديلة، ومدى استيعاب القضاة لفلسفة المشرع في هذا الإطار، فضلا عن محدودية الموارد المادية واللوجستيكية.

ودعا وهبي إلى اتخاذ إجراءات مواكبة، مثل تشجيع القضاة على التماس تطبيق هذه العقوبات، وتوعية المجتمع بجدواها، وتوفير الإمكانيات الضرورية، مع إعداد دليل عملي استرشادي لفائدة المتدخلين، وتنظيم تكوينات وندوات لتأطير هذا التحول، والتصدي لظاهرة الوصم الاجتماعي تجاه المستفيدين.

وأشار الوزير إلى أن منشور رئيس الحكومة رقم 2025/10، الصادر بتاريخ 16 يوليوز 2025، بخصوص تنزيل القانون رقم 43.22، جاء لضمان التنسيق والتكامل بين مختلف القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية، داعياً إلى تعبئة المصالح المركزية واللاممركزة، والتعاون الوثيق مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج لتتبع التنفيذ.

وشدد وهبي على أن الإفراط في اللجوء إلى العقوبات السجنية لم يعد مجدياً، خاصة في ظل تنامي الظاهرة الإجرامية وتعقيدها، معتبراً أن العقوبات البديلة باتت تحتل مكانة مركزية في السياسة الجنائية المعاصرة، لما توفره من نجاعة في تجسيد الأهداف العقابية وتحقيق العدالة دون المساس بالكرامة الإنسانية.

كما لفت إلى أن التجارب الدولية أكدت محدودية العقوبات السجنية باعتبارها وسيلة تقليدية مكلفة وغير فعالة في كثير من الحالات، وهو ما دفع دولاً عديدة إلى مراجعة سياساتها العقابية والانتقال نحو بدائل أكثر مرونة وإنصافاً. وأكد أن المغرب، بدوره، ينخرط في هذا المسار الإصلاحي برؤية متدرجة ومسؤولة، تجعل من العقوبات البديلة رافعة لتعزيز العدالة الجنائية وتحصين الكرامة الإنسانية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة