عاد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة السابق، ليتصدر واجهة الجدل السياسي من جديد، لكن هذه المرة عبر بوابة احتجاجات الشباب “جيل Z” المطالبة بـالخدمات الصحية والتعليم والعيش الكريم.
وفي خطوة وُصفت بـ”الابتزاز السياسي”، ركب بنكيران على أمواج هذا الحراك الاجتماعي ليوجه رسائل لاذعة لمؤسسات الدولة، مطالباً الحكومة الحالية بـ”إيجاد حلول جذرية” لمشاكل هذه القطاعات.
المفارقة الصارخة التي يطرحها المشهد تدعو إلى التوقف والتأمل: كيف يمكن للرجل الذي أعلن صراحة في فترة رئاسته للحكومة عن توجه لتقليص دور الدولة في قطاعي التعليم والصحة لصالح تعزيز نفوذ القطاع الخاص، أن يعود اليوم ليعلن تأييده الكامل لاحتجاجات الشباب التي تنادي صراحة بـإصلاح ما كان جزءاً من سياسات تدميره لصالح الخصخصة؟
هذا التباين الحاد، بين داعي الخصخصة بالأمس ومؤيد الاحتجاجات الإصلاحية اليوم، يكشف عن جزء من أزمة المصداقية السياسية التي يغرق فيها المشهد المغربي. فالقضية تتجاوز مجرد تغيير رأي سياسي، لتمس جوهر الثقة بين المواطن والنخبة السياسية. عندما تتبدل المواقف بهذه السرعة والوضوح تبعاً لـالمنافع السياسية أو الظروف الاجتماعية – وليس لقناعة مبدئية – يجد المواطن نفسه أمام حيرة: هل هو نفاق سياسي محض أم حنكة لركوب الموجة والعودة للواجهة؟
إن استغلال الحركات الاحتجاجية الشابة، التي تمثل نبض المطالب الحقيقية في الصحة والتعليم، للضغط السياسي أو تصفية الحسابات يكشف عن نهج يضع المصالح الحزبية أو الشخصية فوق المصلحة العامة واستقرار الخدمات الحيوية.
أزمة ثقة في زمن التناقضات
هذه التناقضات الصارخة تضع السياسيين في قفص الاتهام، وتؤجج شعور المواطن بـفقدان الثقة في اللعبة السياسية برمتها. فمطالب جيل Z لا تحتمل ازدواجية المعايير، بل تتطلب قيادات ذات رؤية ثابتة وشفافية في اتخاذ القرارات، خاصة تلك التي تمس حياتهم اليومية ومستقبلهم.