حكومة أخنوش: بين الإنجازات المحققة وضرورة التواصل المستمر مع المواطنين

فايس بريسمنذ 5 ساعاتآخر تحديث :
حكومة أخنوش: بين الإنجازات المحققة وضرورة التواصل المستمر مع المواطنين

تجد الحكومة المغربية الحالية، برئاسة عزيز أخنوش، نفسها في خضم نقاش عمومي محتدم يمزج بين انتقادات حادة تطال أداءها، لاسيما في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية العالمية والمحلية، وبين تأكيد على تحقيقها منجزات ملموسة في قطاعات حيوية. ويستوجب تقييم حصيلة الحكومة مقاربة محايدة ومنصفة، تأخذ بعين الاعتبار السياق الصعب الذي اشتغلت فيه.

الإنجازات في زمن الأزمات: الدولة الاجتماعية أولاً

من أبرز النقاط التي تسجل لصالح حكومة أخنوش هي إطلاقها وتسريعها للأوراش الملكية الكبرى المتعلقة بـالدولة الاجتماعية. ورغم الظروف التي فرضتها جائحة كورونا، وتداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية على أسعار الطاقة والغذاء، بالإضافة إلى سنوات الجفاف المتتالية، إلا أن الحكومة دفعت نحو تنفيذ تعميم التغطية الصحية الإجبارية لجميع المغاربة، وهو إنجاز تاريخي طال انتظاره.

وفي السياق ذاته، تم إطلاق برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، الذي يهدف إلى دعم الفئات الهشة والمحتاجة، بما في ذلك زيادة التعويضات الممنوحة للأسر والأرامل. كما عملت الحكومة على إصلاحات هيكلية في قطاع التعليم، بما في ذلك تحسين الوضعية المادية والاعتبارية لرجال ونساء التعليم وتسوية ملفات كانت عالقة كملف “المتعاقدين” سابقاً.

وعلى المستوى الاقتصادي والمالي، تشير الأرقام الحكومية إلى مضاعفة الموارد المالية العادية والجبائية للدولة، والمحافظة على التوازنات المالية العامة، كما جرى تفعيل الزيادة في الأجور في القطاعين العام والخاص في إطار جولات الحوار الاجتماعي. ولم يغفل العمل الحكومي القطاع الخاص، حيث سجلت مصادقة الحكومة على عدد من مشاريع القوانين الهيكلية، أبرزها مشروع قانون الإضراب، الذي يعد خطوة تشريعية مهمة في تاريخ التشريع المغربي. كما يشار إلى الانخراط في مشاريع استراتيجية لمواجهة الإجهاد المائي كتحويل مياه وادي سبو وإطلاق محطات تحلية المياه.

التواصل مع المواطنين: واجب دستوري ورهان فعلي

على الرغم من الإنجازات المعلنة، فإن الحكومة تواجه اتهامات بالتقصير في جانب التواصل الدائم والفعّال مع المواطنين. ففي ظل حالة الغلاء وارتفاع الأسعار التي أثرت بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمغاربة، تتصاعد المطالب بضرورة الخروج من لغة الأرقام الرسمية والتقارير الدورية إلى لغة القرب، التي تلامس الهم اليومي للمواطن.

وقد أكد رئيس الحكومة على أن التواصل مع المواطنين هو واجب دستوري وليس مجرد خيار سياسي، وأطلقت أحزاب الأغلبية مبادرات تواصلية على شكل “جولات” و “لقاءات قرب” في محاولة لشرح الحصيلة الحكومية والاستماع مباشرة لتطلعات وانتقادات المواطنين.

غير أن التحدي لا يزال قائماً: فالتواصل لا يقتصر على عرض الإنجازات، بل يجب أن يشمل الاعتراف بالتحديات القائمة، والشفافية في تفسير القرارات الصعبة، والرد على الانتقادات الموجهة بكفاءة وإقناع. فالشعور بأن الحكومة تتفاعل بجدية مع قضايا المواطنين، وعلى رأسها معضلة غلاء المعيشة، يظل هو المعيار الحقيقي لنجاح أي استراتيجية تواصلية.

إن تقييم حكومة عزيز أخنوش يجب أن يراعي مسألتين أساسيتين: أولاً، السياق الدولي والوطني الصعب الذي فرض تحديات غير مسبوقة على جميع الحكومات. ثانياً، الطبيعة الهيكلية لبعض الأوراش التي أطلقتها، كـ “الدولة الاجتماعية”، والتي تحتاج وقتاً طويلاً كي تظهر نتائجها الملموسة والعميقة على حياة المواطنين.

وبينما تسجل للحكومة خطوات “شجاعة” في تنفيذ إصلاحات اجتماعية وتشريعية معقدة، يظل النقد الموجه لها حول التأثير المحدود لهذه الإنجازات على الطبقة الوسطى والفقيرة في مواجهة غلاء الأسعار مسألة جوهرية لا يمكن تجاوزها. إن الموازنة بين الدفاع عن المنجزات والإنصات الحقيقي للمواطنين يبقى هو الرهان الأكبر أمام الحكومة للمضي قدماً في ما تبقى من ولايتها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة