احتضن مجلس المستشارين، يوم الإثنين 13 أكتوبر 2025، يوماً دراسياً هاماً نظمته لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية، خصص لمناقشة مشروع قانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة. وجاء اليوم الدراسي في سياق وطني ودولي يتسم بتسارع التحولات في حقل الصحافة والإعلام.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد السيد رئيس مجلس المستشارين أن هذا الموضوع يكتسي أهمية بالغة لارتباطه بحماية الحق في حرية التعبير والصحافة، الذي اعتبره “من الدعائم الأساسية لأي نظام ديمقراطي”.
وشدد رئيس المجلس، في حضور السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل والسيد الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، على أن “حرية الصحافة ليست مجرد حق دستوري، بل هي شرط أساسي لبناء الثقة بين المواطن والدولة، ووسيلة لترسيخ الشفافية ومحاربة الفساد، وتحصين المسار الديمقراطي”. وذكر في هذا الصدد بالتزام المملكة الدستوري (الفصل الثامن والعشرون) والدولي بضمان حرية الصحافة، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
دعوة لضبط الحرية بالمسؤولية المهنية
في المقابل، أكد السيد رئيس المجلس أن هذه الحرية “لا يمكن فصلها عن المسؤولية المهنية والأخلاقية”، مشيراً إلى أنه كلما توسعت مساحات الحرية “تزايدت الحاجة إلى ضبطها بالضمير المهني واحترام الحقيقة وحقوق الأفراد والمؤسسات”.
وفي معرض تناوله لتجربة المجلس الوطني للصحافة، الذي أُحدث عام 2018 كآلية للتنظيم الذاتي، أقر رئيس المجلس بأن التجربة السابقة أفرزت “عدداً من الإشكالات والتحديات والأعطاب التنظيمية والعملية”، شملت جوانب الحكامة وآليات اتخاذ القرار وتمثيلية الفاعلين.
تحديث الإطار القانوني: استقلالية وحكامة
وأوضح رئيس مجلس المستشارين أن الحاجة أصبحت ملحة لتحديث الإطار القانوني للمجلس ليضطلع بدوره كاملاً في “النهوض بأخلاقيات المهنة وتطوير الصحافة الوطنية”، وليكون فضاءً حقيقياً “للتنظيم الذاتي النزيه والمستقل”.
ونوه رئيس المجلس بالمقاربة التشاركية التي اعتمدتها لجنة التعليم في تنظيم هذا اليوم الدراسي للإنصات لمختلف الفاعلين والمؤسسات الدستورية. وأكد على ضرورة أن يفضي النقاش إلى “نص تشريعي ذي جودة عالية، يتدارك النواقص المسجلة، ويكون قادراً على توفير جميع الضمانات القانونية والمؤسساتية التي سترسخ الاستقلالية والتعددية والشفافية وحكامة آليات التنظيم الذاتي”.
كما دعا إلى الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات والتوصيات الجوهرية التي تضمنها الرأيان الصادران عن كل من المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن المشروع.
واختتم رئيس المجلس كلمته بالتأكيد على أن تطوير الإطار القانوني للمجلس الوطني للصحافة هو “لبنة من لبنات أخرى” ضمن مشروع أكبر وأشمل يتمثل في الإصلاح الحقيقي والشامل لقطاع الإعلام والاتصال في المملكة، في ظل وجود إرادة سياسية راسخة لتعزيز حرية التعبير بما ينسجم مع الدستور والمواثيق الدولية وأفضل الممارسات العالمية.
وتمنى رئيس مجلس المستشارين النجاح لليوم الدراسي، معبراً عن أمله في أن يفضي إلى توصيات تعزز قدرة المجلس الوطني للصحافة في صيغته المقبلة على حماية ممارسة حرية التعبير وضمان الالتزام بأخلاقيات المهنة بكل استقلالية وتجرد ونزاهة.




