تتفاقم أزمة الرعاية الصحية في مركز تصفية الدم بمدينة أوطاط الحاج بإقليم بولمان، لتتحول إلى مأساة حقيقية تهدد حياة العشرات من مرضى القصور الكلوي. الأزمة، التي هي حلقة جديدة في مسلسل المشاكل المتكررة التي تعاني منها المؤسسات الصحية بجهة فاس مكناس، باتت تُختزل في جملة يائسة تُلقى في وجه المرضى: “سير لفاس”.
حالة مُواطنة تفضح الإقصاء الطبي
في شهادة صادمة توصلت بها “فايس بريس”، كشفت مواطنة من جماعة أوطاط الحاج عن المعاناة القاسية التي واجهتها في مركز تصفية الدم المحلي. المريضة، التي تتوفر على تغطية صحية بصفتها زوجة جندي، فوجئت برفض قاطع لاستقبالها، على الرغم من حاجتها الماسة والملحة لجلسات تصفية الدم المنتظمة.
ووفقاً لشكواها، فقد تذرعت إدارة المركز بمبررين صادمين: أولهما هو “عدم توفر مكان شاغر”، وثانيهما وأخطرها هو أن “خدمة التغطية الصحية هذه لا تتوافق مع المركز”، في إشارة واضحة إلى وجود خلل في تدبير الاتفاقيات أو استيعاب جميع الفئات المؤمنة.
لتُوجه المواطنة بعدها قسراً نحو مستشفيات مدينة فاس، في رحلة إجبارية تُشكل عبئاً مادياً ونفسياً وجسدياً لا يُطاق على مريضة يجب أن تلازم أجهزة التصفية للحفاظ على حياتها. فالمسافة، وتكاليف النقل والإقامة، ومخاطر تأخير الجلسات، كلها فواتير يدفعها المريض دون ذنب.
“سير لفاس”: شعار يُثقل كاهل الأقاليم جهة فاس مكناس
إن واقعة مركز أوطاط الحاج ليست حالة معزولة، بل هي انعكاس لإشكالية بنيوية أوسع تعاني منها جهة فاس مكناس بأكملها.
فالمرضى في العديد من المستشفيات الإقليمية والمحلية، لا سيما في التخصصات الحساسة كأمراض الكلى والخدمات المعقدة، يُجبرون باستمرار على “الهجرة” نحو مدينة فاس، التي تعاني مستشفياتها بدورها من ضغط هائل يفوق طاقتها الاستيعابية.
هذا التنقل القسري يثقل كاهل الأسر المعوزة والمنحدرة من مناطق نائية كبولمان عموماً وأوطاط الحاج تحديداً، وقد يؤدي في كثير من الأحيان إلى تأخير الجلسات العلاجية الضرورية، ما يعرض حياة المرضى لخطر حقيقي وشيك، ويُفرغ مبدأ “القرب من الخدمات الصحية” من أي محتوى.
نداء استغاثة عاجل إلى عامل الإقليم
في ظل هذا الإهمال الذي يهدد حياة المواطنين، تُطلق ساكنة أوطاط الحاج والمناطق المجاورة نداء استغاثة عاجلاً ومباشراً إلى السيد عامل إقليم بولمان، مطالبين إياه بالتدخل الفوري والحازم من أجل:
– فتح تحقيق فوري ومعمق في ظروف استقبال ومعالجة مرضى القصور الكلوي بمركز تصفية الدم بأوطاط الحاج، خاصة فيما يتعلق برفض حالات المواطنين المؤمَّنين تحت ذريعة عدم التوافق.
– العمل العاجل على رفع الطاقة الاستيعابية للمركز وتدعيمه بالموارد البشرية واللوجستية والمالية الكافية لضمان تلبية احتياجات جميع مرضى الإقليم.
– إيجاد حلول هيكلية مستدامة تُنهي مأساة “هجرة” المرضى نحو فاس، بما يضمن حق الساكنة في العلاج القريب واللائق، وفقاً لمبادئ العدالة المجالية والاجتماعية في توفير الخدمات الصحية.
إن حياة هؤلاء المرضى لا تحتمل الانتظار أو التأجيل، ويظل التدخل الرسمي السريع ضرورة إنسانية ملحة قبل أن يكون مسؤولية إدارية وقانونية تقع على عاتق الجهات الوصية.




