في مدينة فاس العريقة، وتحديداً في مقاطعة جنان الورد، يتردد اسم يمثل نموذجاً جديداً للقيادة المحلية: الدكتورة هند الموحي. الشابة التي تتولى لأول مرة منصب رئاسة المقاطعة، قادمة بخلفية أكاديمية وخبرة في العمل التنموي والجمعوي، تختار منهجية مغايرة لإدارة الشأن المحلي؛ منهجية تقوم على العمل في الخفاء والالتصاق المباشر بهموم الساكنة.
بينما اعتادت بعض التجارب السابقة على إدارة المقاطعات من خلف المكاتب، تكسر هند الموحي هذه الصورة النمطية. هي لا تنتظر المشاكل لتصل إليها عبر قنوات بيروقراطية معقدة؛ بل تسعى بنفسها للقاء المواطنين والاستماع إلى همومهم وتحدياتهم بشكل مباشر ومستمر. هذا التوجه نحو “قيادة القرب” يمثل تحولاً جذرياً:
- النزول إلى الميدان: الموحي وفريقها لا يكتفون بالتقارير الرسمية، بل يشاركون الساكنة نبض الشارع، متفقدين البنية التحتية، ومستمعين إلى مطالبهم في الأحياء.
- تقريب الإدارة من المواطنين: الهدف الأساسي هو إزالة الحواجز بين المسؤول والمواطن. المقاطعة لم تعد مجرد مؤسسة حكومية، بل هي مرفق خدمي ينفتح على الجميع، حيث تُناقَش مشاكل الساكنة بجدية وتُعالَج بكفاءة.
في ظل التحديات التي تواجهها المقاطعات الحضرية، خاصة في مجال التعمير والخدمات الأساسية، تظهر الموحي بـروح قيادية هادئة لكن حاسمة. هي تدرك أن التغيير لا يصنع بالضجيج، بل بالعمل الدؤوب والمؤثر.
عملها “في الخفاء” لا يعني الغياب، بل يعني التركيز على الإنجاز الفعلي بعيداً عن الأضواء المبالغ فيها. إنها تفضل أن تتحدث الأفعال بدلاً من التصريحات. هذا التركيز على الجوهر، مدعوماً بمستوى أكاديمي عالٍ وانفتاح على كل الفعاليات، يوفر منصة قوية لتنفيذ إصلاحات عميقة ومستدامة تلامس حياة المواطنين اليومية.
هند الموحي، كأول شابة تترأس هذه المقاطعة في فاس، لا تمثل مجرد تغيير في الأسماء، بل تمثل أملاً حقيقياً في إعادة رسم العلاقة بين المسؤول المحلي والساكنة، جاعلة من الاستماع والمواكبة الميدانية حجر الزاوية في بناء إدارة محلية أكثر فعالية وإنسانية.




