خلال جلسة مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، ألقى أحد أعضاء الفريق الاستقلالي كلمة قوية تحت قبة البرلمان، شدد فيها على أهمية تفعيل التوجيهات الملكية السامية بخصوص تنمية ترابية متوازنة، منتقداً “تغول التركيز الإداري” الذي ما زال يؤخر تحقيق الغايات الكبرى للجهوية المتقدمة ويزيد من الفوارق المجالية والاجتماعية.
فيما يلي أبرز المحاور التي تناولها النائب في عرضه للشق الاجتماعي من المشروع:
1. إصلاحات الصحة: استثمار ضخم وتحدي التوزيع
ثمن النائب الخطوات الإيجابية للحكومة في قطاع الصحة، مشيراً إلى تخصيص 3.3 مليار درهم لإصلاح وتحديث 90 مستشفى، واستكمال المرحلة الثانية من تأهيل المراكز الصحية للقرب التي تستهدف 1600 مركز، إلى جانب إحداث 8000 منصب مالي جديد ورفع ميزانية القطاع إلى 42 مليار درهم.
لكن التحفظ الأكبر تمحور حول مشكل “تركيز الأطباء المتخصصين” في المدن الكبرى، داعياً إلى الإسراع بإخراج “خارطة صحية ملزمة”. وحذر من أن غياب هذه الخريطة يساهم في تعميق الخصاص في الأقاليم البعيدة، ويسمح بـ “استقطاب غير مشروع” للأطباء من قبل مصحات خاصة انتشرت بشكل كبير بعد تعميم نظام التغطية الصحية الإجبارية (AMO)، ما يؤثر سلباً على جودة ومردودية المستشفى العمومي.
2. التعليم: مكاسب تاريخية وضرورة الرقابة
أشاد المتحدث بـ “الزيادات التاريخية وغير المسبوقة” في ميزانية التعليم، والتي تناهز 125 مليار درهم، تشمل إحداث 4800 قسم جديد للتعليم الأولي، وتسريع تعميم “مدارس الريادة”، وافتتاح 170 مؤسسة تعليمية جديدة.
وفي المقابل، سجل ملاحظتين أساسيتين:
التعليم الخاص: ضرورة تفعيل الرقابة الحكومية على المدارس الخاصة، التي تجاوزت تكاليفها (الدراسة، التأمين، الأنشطة) “سقف المعقول”، ما يثقل كاهل الطبقة المتوسطة.
الهدر المدرسي: التنبيه إلى “جيل كامل من ضحايا الهدر المدرسي” (قرابة 1.5 مليون شاب وشابة) الذين أصبحوا اليوم في مقتبل العمر دون عمل أو دبلوم، مطالباً ببرامج نوعية واستهداف دقيق لهذه الفئة، ومحيياً مبادرة وزارة التشغيل في هذا الصدد.
3. الدولة الاجتماعية: رهان التأمين والدعم المباشر
اعتبر النائب أن الورش الملكي للدولة الاجتماعية يمثل “مكسباً غير مسبوق”، مؤكداً أن التأمين الإجباري الأساسي عن المرض (AMO)، الذي تتحمل الدولة فيه اشتراكات حوالي 11 مليون مواطن معوز بقيمة 10.5 مليار درهم، هو “تغطية صحية متكاملة” تختلف عن “الراميد”، وتمكن المستفيدين من نفس سلة العلاجات.
كما أبرز نجاح برنامج الدعم الاجتماعي المباشر، الذي وصل عدد الأسر المستفيدة منه إلى ما يقارب 4 ملايين أسرة. وذكر أن التكلفة المرتقبة لهذا البرنامج في 2026 ستبلغ 29 مليار درهم، وهو مبلغ “أكبر بكثير بأربعة ملايير درهم من كلفة بناء جميع ملاعب المونديال”.
غير أنه دعا إلى مراجعة “مشكل المؤشر الذي لا يبقى مستقراً” في نظام السجل الاجتماعي الموحد، ما يؤثر على الوضعية القانونية لعدد مهم من المستفيدين.
4. محاربة التضخم الوهمي و”الفراقشية”
أشار البرلماني إلى المكاسب المحققة في إطار الحوار الاجتماعي، الذي كلف 48 مليار درهم للفترة 2022-2026، وشمل مراجعة نظام الضريبة على الدخل والزيادة في الحد الأدنى للأجور.
وختم بالدعوة إلى معالجة “آفة التضخم الوهمي” الناتج عن الاحتكار والمنافسة غير الشريفة وضعف المراقبة. وطالب الحكومة بتكثيف لجان المراقبة و”محاربة عصابات الفراقشية” في كل المجالات، مشدداً على أن “مصلحة الوطن أهم بكثير منهم”.



