تدخل الدكتور علال العمروي في مناقشة مشاريع القوانين المتعلقة بالانتخابات التشريعية

هيئة التحريرمنذ 5 ساعاتآخر تحديث :
تدخل الدكتور علال العمروي في مناقشة مشاريع القوانين المتعلقة بالانتخابات التشريعية

أتشرف بأن أتدخل باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب في مناقشة مشاريع القوانين المتعلقة بالانتخابات التشريعية.

وهي في الحقيقة لحظة دستورية وسياسية بالغة الأهمية، باعتبار الانتخابات التشريعية ليس فقط، محطة للاستقطاب السياسي وفرز النخب لتدبير الشأن العام، بل لأنها التعبير الأمثل والأكثر مصداقية، عن الإرادة الشعبية التي ينبغي أن تكون الفيصل في تحديد الاختيارات الوطنية الكبرى وتنفيذها وتقييمها.
ومن هنا، تأتي الأهمية البالغة التي أولاها جلالة الملك حفظه الله تعالى لهذه الاستحقاقات في خطاب عيد العرش المجيد، في إشارة ملكية سامية تؤكد على مفصلية وأهمية هذه الانتخابات، باعتبارها أولا انتخابات دستورية استطاعت بلادنا ولله الحمد أن تحافظ دائما على صدقيتها وانتظاميتها، وكذا باعتبارها حدثا سياسيا ينطلق من الاختيار الديموقراطي كمبدأ دستوري للأمة، يرسخ التداول الديمقراطي ويمنح وللحياة السياسية شرعيتها السياسية ومدلولها القيمي ومشروعيتها المجتمعية.
فدعوة جلالة الملك حفظه الله إلى ضرورة الإعداد الجيد لهذه الاستحقاقات وفق ما تقتضيه قواعد الدستور وضوابط القانون وفي موعدها الدستوري، لا يمكن قراءته إلا في إطار حرص المؤسسة الملكية على دمقرطة الدولة والانتصار للدستور واحترام مركزية الإرادة الشعبية، عبر تنظيم انتخابات وفق شروط الشفافية والتنافس، وتكافؤ الفرص والشرعية، بما يعزز تجديد الثقة في المؤسسات التمثيلية، وبما يؤكد أن المسار الانتخابي هو السبيل السليم لتقوية البناء الديمقراطي وصناعة القرار العمومي من خلال التعبير الحر عن الإرادة الشعبية.
فالانتخابات ليست فقط عملية روتينية ودورية، بل هي محطة سياسية ودستورية لترسيخ مبدأ ربط المسؤولية السياسية، من كل المواقع، بالمساءلة الشعبية، من خلال التصويت العام المكثف والحر للمواطنات والمواطنين، ومن خلال صناديق الاقتراع، بما يضفي الشرعية اللازمة على المؤسسات المنتخبة ويعزز دورها الوظيفي، الدستوري والحيوي في تدبير الشأن العام.
السيد الرئيس؛
لقد راكمت بلادنا ولله الحمد من خلال مسار طويل من النضال الديمقراطي الصعب والمليء بالتضحيات الجسام لرجال ونساء الحركة الوطنية وعموم الشعب المغربي، منذ عهد الحماية ، ومرورا بالمراحل الأولى والصعبة للاستقلال، تجارب وطنية رائدة وحمالة بالدروس والعبر في مجال تدبير العمليات الانتخابية، دفاعا عن الديموقراطية والحرية، والتي تتطلب منا اليوم التفاعل الإيجابي والجماعي، من أجل إخراج مختلف القواعد الكفيلة بتخليق الحياة السياسية والانتخابية الوطنية والقطع مع كل الممارسات الشاذة التي قد تؤثر على مشروعيتها الوطنية والدولية، وهو في الحقيقة رهان جماعي يتطلب إرادة سياسية صلبة تنتصر للمصلحة الفضلى للوطن وتتجاوز سقف الحسابات السياسوية والتموقعات الظرفية.
لذلك فإننا نؤكد اليوم، أن لا مجال لتسجيل أي ممارسات تراجعية، وأن هذه الانتخابات يجب أن تكون عنوانا للشفافية واحترام القانون، وهي مسؤولية جماعية تتجاوز حدود تضمين بعض القواعد لمشاريع القوانين قيد الدرس اليوم، الى ضرورة التوافق الجماعي حول عدد من القضايا ذات الطابع التوافقي والأخلاقي لتحصينها، وعلى رأسها اعتماد المبادرة التي أطلقها الأمين العام لحزب الاستقلال الرامية لتوقيع ميثاق أخلاقيات بين الأحزاب السياسية.
فإذا كان التزام الدولة واضحا بتوفير كل الضمانات القانونية والقضائية والإدارية لتحصين شفافية العمليات الانتخابية خلال كل مراحلها، وبما يجعلها فرصة لترصيد المكتسبات الديمقراطية لبلادنا وتحصين الخيار الديمقراطي الثابت لبلادنا بقيادة جلالة الملك حفظه الله
فإن مسؤوليتنا كأحزاب سياسية بالمقابل، ثابتة وأساسية، لتحقيق هذه الغايات، سواء من خلال تعزيز دمقرطة منظومتنا الحزبية والرفع من جاذبيتها وجعلها قادرة على استقطاب المواطنات والمواطنين للتعبير من داخل هياكلها، بحرية وشفافية وتكافؤ للفرص، وبما يعزز مشروعية الفعل الحزبي، أو من خلال تحمل مسؤوليتنا الجماعية بقديم نخب حزبية وسياسية قادرة على رفع مختلف التحديات التي تواجهها بلادنا. فالنخب السياسية هي جوهر وثمرة العملية الانتخابية ونتاجها، فإذا فسدت في حد ذاتها أو أفسدت، فقدت الانتخابات مشروعيتها الشعبية وقيمتها التمثيلية، وبالتالي عجزت عن لعب دورها الدستوري في تمثيل الإرادة الشعبية والنيابة عن الأمة.
فقيمة النخب، لا ترتبط دائما بالشواهد وبالديبلومات وإن كانت مهمة، بل أساسا بالالتزام بقيم التمثيلية السياسية والأخلاقية الجادة والمسؤولة، والقدرة الحقيقية على لعب دور الوساطة والترافع الحقيقي، الدائم والمستمر، على الإرادة الشعبية، وممارسة مهام تمثيل الأمة داخل قبة البرلمان بما يلزمه من أخلاق والتزام وجدية ومسؤولية. (راه شوية من الحنة وشوية من رطوبة اليدين).
السيد الرئيس؛
اسمحوا لي بهذه المناسبة أن أعبر عن تقدير فريقنا للأجواء الإيجابية والاحترافية، التي قادت خلالها وزارة الداخلية مشكورة المشاورات التي وجه بها جلالة الملك في خطاب العرش المجيد، من أجل الإعداد الجماعي، الجيد والتوافقي لهذه المنظومة القانونية، حيث نؤكد في هذا الصدد على أهميته التفاعل الإيجابي للسيد وزير الداخلية مع المذكرة التي قدمها حزب الاستقلال في شأن مختلف التعديلات المقترحة على هذه المشاريع والتي تعتبر في تقديرنا خطوة إيجابية على الطريق الصحيح من أجل تنظيم هذه الانتخابات، وهو النفس الإيجابي والصريح الذي طبع مختلف مراحل المناقشة العامة والتفصيلية لهذه المشاريع.
كما نسجل بإيجابية كبيرة، تضمين مشروع القانون التنظيمي رقم 25.53 المتعلق بمجلس النواب لجملة من المقتضيات القانونية الرامية إلى تكريس قواعد تخليق انتخابات أعضاء هذا المجلس وكذا إقرار عدد من الآليات لتعزيز تمثيلية الشباب والنساء داخل المؤسسة التشريعية فضلا عن تحسين كيفية تدبير مختلف العمليات الانتخابية بما يضمن تعزيز شفافية هذه المحطة الدستورية والسياسية البالغة الأهمية. وخاصة تضمين المشروع لعدد من التدابير الزجرية الرامية إلى تخليق العملية الانتخابية وحمايتها من كل الأفعال الجرمية المؤدية للمساس بسلامة وصدقية نتائج الاقتراع
كما نسجل بإيجابية كبيرة ما تضمنه المشروع من مقتضيات مهمة لتعديل القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية والرامية إلى تطوير الإطار القانوني للأحزاب السياسية وضبط الإجراءات المتعلقة بتأسيسها وتعزيز مشاركة الشباب والنساء سواء في عملية التأسيس أو الترشيح.
كما نثمن عاليا ما حمله مشروع القانون 55. 25 القاضي بتغيير القانون رقم 57.11 المتعلق باللوائح الانتخابية والذي تضمن عددا من المقتضيات الرامية إلى تقوية الضمانات الممنوح للناخبات والناخبين وضبط وتدقيق المقتضيات المتعلقة بالقيد ونقل القيد وكدا حصر اللوائح الانتخابية وضمان سلامتها باعتبارها مدخلا أساسيا لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة.
السيد الرئيس؛
وإن كانت الديموقراطية هي أمل الحاضر والمستقبل، وعنوان رقي المجتمع، كما قال الزعيم الراحل علال الفاسي سنة 1965، فإن الانتخابات الحرة والنزيهة هي عمادها، لذلك فإننا مطالبون جميعا لنجعلها محطة لتعزيز المسار الديمقراطي لبلادنا وإعطاء الاختيار الديمقراطي كثابت دستوري مدلوله ومشروعيته من خلال الحرص الجماعي على إعداد وتنظيم انتخابات حرة ونزيهة تعكس الإرادة الشعبية وتعزز مشروعية المؤسسات الانتخابية وتجدد ديناميتها وتقطع مع كل الممارسات المشينة والمفسدة التي قد تؤثر على قدسيتها باعتبارها مصدر مشروعية المؤسسات المنتخبة والاحزاب السياسية وبما يجعل من الانتخابات التشريعية محطة دستورية ذات جاذبية وكذا محطة لربط المسؤولية الانتدابية والسياسية بالمحاسبة الشعبية خدمة للمصلحة العامة لبلادنا واستعدادا لرفع كل التحديات المطروحة أمام بلادنا مستقبلا.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة