فاس – تصاعدت حدة الاستياء والغضب في أوساط سكان مقاطعة سايس بمدينة فاس، وذلك على خلفية التدهور المريع الذي آلت إليه القاعة المغطاة “عوينات الحجاج”، التي كان من المفترض أن تكون فضاءً رياضياً وترفيهياً حيوياً لشباب وأطفال المنطقة. وبعد سنوات قليلة من إنشائها وصرف ملايين الدراهم على تجهيزها، تحولت القاعة إلى خراب ومرتع للعبث والتخريب، مما أثار تساؤلات مشروعة حول مصير الأموال العامة والجهات المسؤولة عن هذا الإهمال الفاضح.
وفي خطوة تصعيدية، راسل فرع حركة نداء الوطن بمدينة فاس، والي جهة فاس مكناس، مطالبين بفتح تحقيق عاجل وشامل حول ملابسات هذا الوضع الكارثي وتحديد المسؤوليات عن تخريب القاعة وضياع محتوياتها.
ووفقاً لمعلومات حصلت عليها جريدة “فايس بريس”، فإن بداية التدهور الفعلي للقاعة تزامن مع تسريح الأعوان العرضيين المكلفين بحراستها، وهو ما فتح الباب واسعاً أمام عمليات السرقة والتخريب الممنهج. حيث لم يسلم شيء من عبث اللصوص، فقد طالت السرقة الأبواب والعدادات الكهربائية والمائية، بالإضافة إلى التجهيزات الداخلية والنوافذ والأغطية الحديدية.
الأكثر خطورة من ذلك، هو ما كشفته مصادر محلية عن تسرب مقلق لمياه الصرف الصحي من الأحياء المجاورة إلى داخل القاعة والمسبح الصغير التابع لها. هذا التسرب لا يهدد فقط أساسات المبنى بالانهيار على المدى القريب، بل يشكل أيضاً خطراً داهماً على صحة وسلامة الأطفال الذين كانوا يرتادون القاعة لممارسة الأنشطة الرياضية قبل أن تتحول إلى بؤرة للتلوث.
ولم تتوقف مظاهر الإهمال عند هذا الحد، فقد تحولت أرجاء القاعة إلى مكب للنفايات والتلفيات، مما أدى إلى انعدام تام للنظافة وانتشار الروائح الكريهة، وهو ما ينذر بكارثة بيئية وصحية حقيقية تهدد سلامة القاطنين في محيط القاعة والمجتمع المحلي بشكل عام.
وقد عبر سكان المنطقة وفعاليات المجتمع المدني عن سخطهم العميق إزاء هذا الوضع المزري، مؤكدين أنهم وجهوا العديد من الرسائل والشكاوى إلى الجهات المعنية في محاولة يائسة للفت انتباهها إلى حجم الكارثة، والمطالبة بالتدخل العاجل لإصلاح الأضرار ووضع حد لهذا الإهمال الذي وصفوه بـ “جريمة في حق المدينة وهدر سافر للمال العام”.
وفي ظل تجاهل هذه النداءات المتكررة، لم يجد المتضررون بداً من توجيه شكاية رسمية مباشرة إلى والي جهة فاس مكناس، بصفتة المسؤول الأول عن أمن وسلامة المواطنين والمحافظة على الممتلكات العامة.
وتضمنت الشكاية التماساً عاجلاً بالتدخل الفوري وإعطاء التعليمات اللازمة للجهات المختصة من أجل وقف هذا التدهور المتسارع وحماية ما تبقى من القاعة من المزيد من التلف والضياع.
يبقى السؤال المحوري الذي يطرحه الرأي العام المحلي هو: من يتحمل مسؤولية هذا الإهمال الجسيم الذي طال مرفقاً رياضياً كان من المفترض أن يكون فضاءً للرقي بشباب وأطفال المدينة؟ وهل ستتحرك السلطات المعنية بشكل جدي لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإعادة تأهيل القاعة لتؤدي دورها المنشود في خدمة المجتمع، أم أنها ستظل رهينة للإهمال والتدهور حتى تنهار بشكل كامل وتتحول إلى مجرد ذكرى سيئة في تاريخ المدينة؟ الأيام القادمة ستكشف عن مدى جدية الجهات المسؤولة في التعامل مع هذا الملف الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام والغضب في صفوف ساكنة فاس.