العقوبات البديلة تدخل حيز التنفيذ في غشت وسط تحذيرات من تحديات التفعيل

هيئة التحرير22 أبريل 2025آخر تحديث :
العقوبات البديلة تدخل حيز التنفيذ في غشت وسط تحذيرات من تحديات التفعيل

كشف خبراء قانونيون وقضائيون عن مستجدات تهم دخول قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ، المرتقب في شهر غشت المقبل، مؤكدين على أهمية هذا التحول التشريعي، مع التنبيه في الوقت ذاته إلى عدد من التحديات التي قد تعيق التطبيق الفعلي على أرض الواقع.

وأكد مراد العلمي، رئيس شعبة تتبع تنفيذ وتحليل ظاهرة الجريمة برئاسة النيابة العامة، أن اعتماد هذا النص القانوني جاء بعد تأخر ملحوظ، رغم أن المناظرة الوطنية حول السياسة الجنائية أوصت منذ سنوات بضرورة اعتماد هذا النوع من العقوبات، في إطار رؤية تروم تحديث العدالة الزجرية وتحقيق التوازن بين الردع وإعادة الإدماج. وأوضح العلمي، الذي كان يتحدث خلال ندوة علمية نظمتها رئاسة النيابة العامة بالرباط حول موضوع “العقوبات البديلة: الغايات والرهانات”، أن الخطوط العريضة لتنزيل القانون قد تم تحديدها، غير أن الإشكال الأبرز يظل مرتبطا بالتفعيل المجتمعي والمؤسساتي، وهو ما يتطلب جهدا تنسيقيا وتواصليا مضاعفا.

وتتخذ العقوبات البديلة، وفق النص التشريعي الجديد، أربعة أشكال رئيسية، تشمل العمل لأجل المنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، بالإضافة إلى الغرامة اليومية. إلا أن هذه البدائل لا تشمل مرتكبي عدد من الجنح والجرائم الخطيرة، من بينها تلك المتعلقة بأمن الدولة والإرهاب، والاختلاس والغدر والرشوة واستغلال النفوذ، وتبديد أموال عمومية، وغسل الأموال، والجرائم العسكرية، والاتجار الدولي في المخدرات، والاتجار في المؤثرات العقلية والأعضاء البشرية، والاستغلال الجنسي للقاصرين أو ذوي الإعاقة.

وفي هذا السياق، شدد العلمي على ضرورة تكريس ثقافة جديدة داخل الجسم القضائي والمجتمع ككل، ترتكز على إدماج مفهوم العقوبات البديلة في الممارسة اليومية. ولفت إلى أن القضاة الجدد سيتلقون تكوينا خاصا بهذا الشأن، إلى جانب تنظيم دورات تكوينية جهوية لفائدة القضاة الممارسين، وذلك بشراكة بين رئاسة النيابة العامة والمجلس الأعلى للسلطة القضائية.

أما من الناحية التطبيقية، فأوضح أن النصوص التنظيمية المكملة للقانون بلغت مراحلها النهائية، إذ يُتوقع أن تُعرض المراسيم ذات الصلة على أنظار المجلس الحكومي خلال شهر ماي المقبل، بحسب ما أعلنه رئيس الحكومة عزيز أخنوش. وفي ما يخص المراقبة الإلكترونية، كشف العلمي أنه سيتم اعتماد نمطين مختلفين: الأول يتعلق بمراقبة “ثابتة” تلزم الشخص المعني بالبقاء في مكان محدد، والثاني يهم المراقبة “المتحركة” عبر جهاز تتبع يواكب تحركاته، ما يضمن رقابة فعالة وواقعية.

كما أشار إلى أن الحكومة تعمل على بلورة آليات جديدة لعلاج الإدمان، باعتباره أحد بدائل العقوبة، من خلال تنسيق متعدد القطاعات لتوفير بنيات خاصة بالعلاج، مع إمكانية الإيداع في المستشفيات أو اعتماد حصص علاجية، بما يضمن فعالية التنفيذ ويحافظ على الطابع الإنساني للقانون الجديد.

من جهته، اعتبر كريم أيت بلا، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، أن تطبيق القانون اعتبارا من شهر غشت المقبل يستلزم فترة انتقالية لتقييم مدى نجاعة التنزيل، مع تتبع الثغرات والصعوبات العملية. وأكد أن هذه المرحلة تتطلب إشراك الفاعلين الميدانيين، باعتبارهم الأقدر على رصد العوائق الواقعية التي قد تفرمل تطبيق القانون. كما شدد على أن نجاح هذا الورش لا ينفصل عن توفير الإمكانيات اللوجستيكية والموارد البشرية الكفيلة بتمكين قضاة النيابة العامة من تطبيقه بشكل ناجع، محذرا من تكرار سيناريو الاعتقال الاحتياطي الذي وُجهت بشأنه انتقادات عديدة رغم أن أسبابه كانت مرتبطة بإكراهات موضوعية مثل بطء البت في الملفات.

وختم أيت بلا مداخلته بالتنبيه إلى أهمية إعداد إستراتيجية تواصلية شاملة مع المواطنين، بهدف شرح مضامين القانون وتبديد أي لبس أو سوء فهم، مشددا على أن تغيير العقليات وتقبل المجتمع لهذا النمط من العقوبات يظل شرطا محوريا لإنجاح الورش برمته.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة