فضيحة تهز أولاد الطيب: مستشار يتهم الرئيس بـ”شراء الأصوات” بشيك قيمته 40 ألف درهم والنيابة العامة تفتح تحقيقاً عاجلاً

فايس بريس8 مايو 2025آخر تحديث :
فضيحة تهز أولاد الطيب: مستشار يتهم الرئيس بـ”شراء الأصوات” بشيك قيمته 40 ألف درهم والنيابة العامة تفتح تحقيقاً عاجلاً

تعيش جماعة أولاد الطيب الهادئة عادةً، الواقعة ضواحي مدينة فاس، على وقع فضيحة سياسية وأخلاقية مدوية، بعد أن أقدم مستشار جماعي على فضح رئيس المجلس الحالي، ملوحاً بشيك قيمته أربعون ألف درهم، قال إنه دليل على محاولة شراء صوته لانتخاب الرئيس خلفاً لسلفه المسجون بتهم تبديد المال العام. هذه الواقعة، التي تفجرت خلال دورة المجلس المنعقدة في الثامن من مايو، فتحت الباب على مصراعيه لاتهامات متبادلة خطيرة، وأثارت سخطاً واسعاً بين المواطنين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الذين تساءلوا عن مدى اهتمام المسؤولين بمشاكل جماعتهم الحقيقية.

شيك بـ 40 ألف درهم يفجر الأوضاع

في تطور دراماتيكي خلال دورة المجلس، أشهر المستشار الجماعي، الذي ينتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار (وهو نفس حزب رئيس الجماعة)، شيكاً بنكياً بقيمة 40,000 درهم، مؤكداً أن رئيس الجماعة، عبد اللطيف المرتضى، قدمه له لضمان تصويته لصالحه في انتخابات رئاسة المجلس التي أعقبت سقوط الرئيس السابق، رشيد الفايق، المدان في قضايا فساد. المثير للدهشة أن الشيك، حسب ما تم تداوله، يحمل تاريخ استحقاق مؤجل إلى 27 يناير 2025، مما يطرح تساؤلات إضافية حول طبيعة هذه “المعاملة”.

وزعم المستشار أن رفضه الانصياع لهذه “الصفقة” المزعومة، وتمسكه بما وصفه بـ “مصلحة الجماعة”، كان السبب الحقيقي وراء قرار رئيس المجلس إقالته خلال نفس الدورة التي شهدت سخونة وتبادلاً للاتهامات. وأضاف المستشار أن مبالغ مالية أخرى تم صرفها، دون أن يقدم تفاصيل إضافية، مطالباً النيابة العامة بالتدخل العاجل لفتح تحقيق شفاف ونزيه في هذه “النازلة الخطيرة” وكشف جميع المتورطين.

رد الرئيس: اتهامات مضادة ومعاملة تجارية

من جهته، نفى رئيس جماعة أولاد الطيب، عبد اللطيف المرتضى، نفياً قاطعاً اتهامات الرشوة وشراء الأصوات. وفي تصريحات لوسائل الإعلام، أكد المرتضى أن الشيك المذكور يعود لمعاملة تجارية خاصة بين المستشار وشخص آخر، ولا علاقة له بالانتخابات أو بشراء الذمم.

ولم يتوقف الرئيس عند حدود النفي، بل شن هجوماً مضاداً على المستشار، متهماً إياه بـ “الاتجار في المخدرات” وأن له “سوابق قضائية” في هذا المجال. وأوضح الرئيس أن قرار إقالة المستشار جاء بناءً على “غيابه المتكرر” عن دورات المجلس واجتماعات اللجان، وليس لأي سبب آخر يتعلق بالتصويت أو خلافات شخصية.

إرث الفساد يخيم على المشهد

تأتي هذه الفضيحة لتزيد من تعقيد المشهد السياسي في أولاد الطيب، التي لم تتعافَ بعد من صدمة سجن رئيسها السابق، رشيد الفايق، القيادي المحلي في حزب التجمع الوطني للأحرار أيضاً. وكان الفايق قد أدين ابتدائياً بست سنوات سجناً نافذاً بتهم تتعلق بتبديد أموال عمومية واختلالات مالية وإدارية، وهي العقوبة التي تم تشديدها استئنافياً لتصل إلى ثماني سنوات. وقد أدت إدانة الفايق إلى حل مكتب المجلس وإجراء انتخابات جديدة أتت بالرئيس الحالي.

سخط شعبي وتساؤلات مشروعة

أثارت هذه التطورات موجة عارمة من السخط والاستنكار على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبر العديد من النشطاء والمدونين عن خيبة أملهم في النخب السياسية المحلية، متهمين إياها بالانشغال بالصراعات على المناصب والمكاسب الشخصية، بدلاً من الاهتمام بهموم المواطنين ومشاكل الجماعة المتراكمة.

وفي تطور لافت وسريع، أمر وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بفاس، صباح يوم الأربعاء 7 ماي 2025، بفتح تحقيق عاجل ومفصل في هذه الاتهامات الخطيرة التي طالت رئيس جماعة أولاد الطيب، المدعو (ع.ل.م). ويهدف التحقيق إلى كشف ملابسات ادعاء تقديم رشوة بقيمة 4 ملايين سنتيم للمستشار الجماعي مقابل تأمين صوته في انتخابات الرئاسة.

وتعاني جماعة أولاد الطيب، كغيرها من الجماعات القروية المحيطة بالمدن الكبرى، من نقص حاد في البنيات التحتية الأساسية، كالإنارة العمومية، وتدبير النفايات الذي يشكل كابوساً بيئياً وصحياً، فضلاً عن ضعف شبكة الطرق والمرافق الاجتماعية. هذه المشاكل الحقيقية التي تؤرق بال الساكنة تبدو وكأنها آخر اهتمامات المسؤولين المنشغلين بـ “حروب الكراسي”.

يطرح هذا الوضع المأزوم سؤالاً جوهرياً ومؤلماً: هل تناسى المسؤولون السياسيون في أولاد الطيب، وفي غيرها من الجماعات، حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم تجاه المواطنين الذين انتخبوهم لخدمتهم والدفاع عن مصالحهم؟ أم أن الوصول إلى المناصب أصبح غاية في حد ذاته، حتى لو كان الثمن هو إغراق الجماعة في وحل الفضائح وتبديد الأمل في مستقبل أفضل لساكنتها؟.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة