مع ايام العيد الأضحى المبارك، الذي من المفترض أن يكون مناسبة للفرح والالتقاء بالعائلة، تتحول شوارع فاس إلى مسرح لفوضى عارمة عنوانها “النقل السري”. ففي غياب شبه كلي للمراقبة، يجد المواطنون أنفسهم مرغمين على ركوب سيارات مكتظة، لا تحترم أدنى شروط السلامة، بل والأخطر من ذلك أن العديد منها لا يمتلك وثائق التأمين الأساسية.
تحقيق أجرته جريدة “فايس بريس” كشف عن تفاصيل صادمة لهذه الظاهرة التي تهدد سلامة المواطنين. على سبيل المثال، يربط خط حي المسيرة بنسودة ومحطة القطار بسيارات من نوع “رونو كانجو” تحمل 10 أشخاص، مقابل 10 دراهم. وهذا العدد يتجاوز بكثير السعة القانونية لهذه السيارات، مما يعرض الركاب للخطر الشديد في حال وقوع أي حادث. أما سيارات النقل الكبيرة، مثل “مرسيدس 207″، فالوضع فيها أكثر كارثية، حيث يمكن أن تصل حمولتها إلى أكثر من 22 شخصًا، وكأنها حافلات مصغرة، في مشهد يثير الاستغراب والأسف في ظل غياب أي تدخل من السلطات المختصة لا في ليل و لا في النهار.
الوضع لا يختلف كثيرًا في خطوط أخرى، فبين حي المسيرة والزليلك، يضطر الركاب لدفع 10 دراهم مقابل رحلة مع 8 أشخاص في السيارة الواحدة، وهو ما يفوق الطاقة الاستيعابية. أما في الخط الرابط بين عوينات الحجاج وباب فتوح، فالأمر لا يقتصر على الاكتظاظ فحسب، بل يضاف إليه ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر، حتى أن سيارات الأجرة الصغيرة (الطاكسي الصغير) باتت تحمل أكثر من 5 ركاب، متجاهلة تمامًا للقوانين المنظمة لقطاع النقل.
الخطر الأكبر: سيارات بلا تأمين.. حياة بلا ضمان!
لكن الفوضى والازدحام ليسا وحدهما المشكلة. فالأمر الأكثر خطورة، والذي يسلط عليه التحقيق الضوء، هو أن العديد من سيارات النقل السري لا تحمل وثائق التأمين. هذا يعني أن أرواح المواطنين وممتلكاتهم معلقة بخيط رفيع. ففي حال وقوع حادث، لا قدر الله، لن يكون هناك أي تعويض للضحايا، مما يتركهم في مواجهة مصير مجهول ومآسٍ لا نهاية لها.
هذا الوضع المزري يطرح تساؤلات جدية حول دور الجهات المسؤولة في تطبيق القانون وحماية أرواح المواطنين. فهل ستبقى هذه الفوضى مستمرة، أم أن عيد الأضحى سيكون فرصة للسلطات للتدخل الحازم وإنهاء هذه المهازل التي تهدد سلامة وأمن الفاسيين؟