تشرع غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بفاس، يوم الاثنين الموافق 23 يونيو الجاري، في النظر بواحدة من القضايا الأكثر إثارة والمتعلقة بـالاتجار بالبشر، تقف على رأس هذه القضية زعيمة شبكة إجرامية وُصفت بأنها من بين الأكبر والأكثر نشاطًا في هذا المجال.
قرر الوكيل العام للملك إحالة المتهمة مباشرة إلى غرفة الجنايات، مفعلًا بذلك المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية. هذه المادة تمنحه صلاحية اتخاذ هذا الإجراء في حال اعتُبر الملف جاهزًا للبت فيه، دون الحاجة إلى إجراء تحقيق تمهيدي.
قادت التحقيقات الأمنية التي أجرتها الفرقة الولائية للاستخبارات الجنائية والدعم التقني للأبحاث، بالتنسيق مع المصلحة الولائية للشرطة القضائية بفاس، إلى توقيف المتهمة بمدينة العرائش. كانت المتهمة موضوع مذكرة بحث وطنية على خلفية نشاط الشبكة التي كانت تتزعمها، إلى جانب شريكتها التي سبق أن أُحيلت على النيابة العامة رفقة عدد من المتورطين الآخرين.
تعود القضية إلى تحريات باشرتها الشرطة القضائية بفاس بعد ظهور منشورات على موقع إلكتروني تُعرض خدمات جنسية داخل محلات تدليك (SPA)، مما أدى إلى تحديد محل تجاري كان يمارس نشاطًا مشبوهًا. أسفرت عملية مداهمة هذا المحل عن توقيف عدد من الأشخاص في وضعية تلبس، بمن فيهم عاملات ومسيرة المحل، واللواتي تم تقديمهن للعدالة، فيما تمكنت المتزعمة من الفرار إلى أن تم توقيفها يوم 16 يونيو الجاري.
خلال البحث معها، أقرت المتهمة بأنها أنشأت رفقة شريكتها شركة ذات مسؤولية محدودة، والتي كانت في الظاهر تقدم خدمات الحلاقة والتجميل. لكنها في الحقيقة كانت واجهة لنشاط سري يهدف إلى ممارسة الدعارة. أكدت المتهمة أن المحل جُهز بعناية على شكل حمام وغرف للتدليك، حيث استقطبتا عددًا من الفتيات الراغبات في العمل بهذا المجال، مستغلتين هشاشتهن الاجتماعية والوضع الاقتصادي الصعب الذي كن يعشنه.
اعترفت المتهمة بأن نشاط المحل كان منظمًا بشكل دقيق، حيث كانت العاملات يخضعن لمراقبة صارمة، ويُمنعن من مغادرة المكان إلا بعد إغلاقه في ساعات متأخرة من الليل. كما كانت تُفرض عليهن وجبات الطعام داخل المحل لتجنب غياب أي منهن أثناء قدوم الزبائن. شددت المتهمة على أن كل ذلك تم باتفاق مسبق ومباشر مع شريكتها، بهدف تحقيق أرباح من خلال استغلال النساء في أوضاع هشة، وتحويل المحل إلى وكر للدعارة وسط عمارة سكنية لا تتوفر سوى على منفذ واحد، مما ساعد على تمويه نشاطهن غير القانوني.
تتابع المتهمة الرئيسية الآن بجناية الاتجار بالبشر، في واحدة من القضايا التي تعكس تنامي ظاهرة الاستغلال الجنسي المنظم. وتُسلط هذه القضية الضوء على الإشكالات الاجتماعية المرتبطة بالفقر والتهميش، والتي تجعل فئات واسعة من النساء عرضة للاستغلال في مثل هذه الشبكات الإجرامية.