مشروع قانون مالية 2026: استثمار في العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة

فايس بريسمنذ 5 ساعاتآخر تحديث :
مشروع قانون مالية 2026: استثمار في العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة

أعلن المغرب عن الخطوط العريضة لمشروع قانون مالية 2026، التي ترتكز على تعزيز الاستثمار العمومي وتوسيع مظلة الدولة الاجتماعية، مع دفع دينامية اقتصادية متوازنة بين القطاعات والمناطق. تحمل هذه الخطة طموحات واضحة نحو تحسين ظروف الحياة للمواطنين، خاصة في المناطق القروية والهشة، ودعم النمو الاقتصادي برافعة اجتماعية قوية.

الاستثمار العمومي في قلب العدالة المجالية

من أبرز ملامح مشروع القانون المالي الجديد توجيه 60% من الاستثمار العمومي نحو المناطق القروية والجبلية. خطوة تعكس رغبة واضحة في تعزيز العدالة المجالية التي طالما كانت تحديًا في المغرب، حيث تسعى الدولة إلى سد الفجوات التنموية بين المدن الكبرى والمناطق الهامشية عبر إطلاق برامج تنموية تراعي الخصوصيات المحلية والجهوية. هذا التوجه لا يسهم فقط في تحسين البنية التحتية والخدمات في المناطق المهمشة، بل يفتح آفاقًا للتنمية الاقتصادية المحلية ويحد من النزوح نحو المدن الكبرى.

تعزيز الدولة الاجتماعية وتوسيع الحماية

يُبرز مشروع القانون كذلك توجهًا لتعزيز الدولة الاجتماعية، عبر توسيع الحماية الاجتماعية لتشمل مجالات حيوية مثل التعليم والصحة والسكن. مع تفعيل السجل الاجتماعي الموحد، تهدف الحكومة لضمان استهداف فعال للدعم، خاصة للفئات الهشة التي تمثل شريحة واسعة في المجتمع. إدماج 100% من هذه الفئات في منظومة التغطية الصحية بحلول نهاية 2026 يُعد خطوة نوعية نحو تحسين جودة الحياة والحد من الفقر الصحي، مما يعزز العدالة الاجتماعية ويخفف الضغط على النظام الصحي.

تعليم وتكوين يواكبان سوق الشغل

يركز القانون على رفع ميزانية التعليم والتكوين المهني بنسبة 12% مقارنة بالعام السابق، مع إحداث برامج جهوية للتكوين مرتبطة بسوق الشغل المحلي. هذه الاستراتيجية تواكب تحديات البطالة والفجوة بين المهارات المطلوبة وسوق العمل، خاصة في المناطق القروية، مما يسهم في تمكين الشباب ويزيد فرص التشغيل.

تدبير الموارد المائية والبنية التحتية

في ظل الإجهاد المائي الذي تعاني منه البلاد، يخصص مشروع القانون 15 مليار درهم لمشاريع الماء، مع التركيز على تحلية المياه وتدبير السدود الصغيرة، خصوصًا في المناطق الجافة. توسيع شبكة الطرق القروية ودعم النقل المدرسي والصحي يعكس الاهتمام بتحسين ظروف التنقل والخدمات الأساسية في المناطق النائية، ما يساهم في ربط هذه المناطق بشكل أفضل بالشبكة الوطنية.

تعزيز التشغيل ودعم المقاولات

تستهدف الحكومة خلق 150,000 فرصة شغل جديدة عبر برامج الإدماج الجهوي، مع دعم مالي يخص 20% من ميزانية الاستثمار للمقاولات الصغيرة والمتوسطة. هذه الخطوة ضرورية لتقليل البطالة خاصة بين الشباب، وتحفيز الاقتصاد الوطني على النمو من خلال دعم الفاعلين المحليين.

مالية عمومية متجددة ومستدامة

يشير مشروع القانون إلى توسيع الوعاء الضريبي ليشمل الاقتصاد الرقمي والعقارات غير المصرح بها، ما يرفع من عدالة النظام الضريبي ويزيد الموارد المالية للدولة. إصدار سندات خضراء بقيمة 10 مليار درهم يضع المغرب في مسار التمويل المستدام، متماشياً مع الاتجاهات العالمية للحفاظ على البيئة.

آفاق النمو والتحديات الاقتصادية

يتوقع أن يصل معدل النمو إلى 4.5% خلال 2026، مدعومًا بالدينامية المتواصلة للأنشطة غير الفلاحية، وتعافي قطاعات البناء والأشغال العمومية، بالإضافة إلى الأداء القوي لقطاعات السيارات، الطاقات المتجددة، السياحة والصناعات الغذائية. المشاريع الهيكلية الكبرى تعزز من البنية التحتية الوطنية، مما يدعم النمو طويل الأمد.
من الناحية المالية، يهدف المشروع إلى خفض عجز الميزانية إلى 3% من الناتج الداخلي الخام، وضبط معدل المديونية في حدود 65.8% بنهاية 2026، وهو مؤشر إيجابي يعكس حرص الحكومة على استدامة المالية العمومية والحد من المخاطر الاقتصادية.

الخلاصة

مشروع قانون مالية 2026 يعكس رؤية متكاملة تراعي التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع تركيز قوي على العدالة المجالية والحماية الاجتماعية. تنفيذه بنجاح سيتطلب تعبئة فعالة للموارد، وحوكمة جيدة، بالإضافة إلى إشراك الفاعلين المحليين والمجتمع المدني. في ظل التحديات الاقتصادية والبيئية الراهنة، يشكل هذا المشروع فرصة لتعزيز النمو الشامل والمستدام في المغرب.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة