رغم التطور التشريعي والمؤسساتي الذي عرفه المغرب، لا تزال ممارسات الغش والاحتكار وضعف المراقبة حاضرة في عدة قطاعات: الأسواق، الخدمات، الأسعار، والجودة. ورغم وجود أجهزة عديدة (الشرطة الإدارية، المجلس الأعلى للحسابات، المندوبية الوزارية لحماية المستهلك، ONSSA…)، إلا أن المواطن البسيط يشعر في حياته اليومية بغياب آلية فعالة وقريبة منه تضبط السوق وتحميه من التلاعب.
و الجدوى من بعث روح المحتسب
إحياء البعد القيمي: المحتسب لم يكن مجرد مراقب إداري، بل كان رمزا للأخلاق العامة، يربط المصلحة الاقتصادية بالمسؤولية الاجتماعية.
و سد الفراغ المؤسساتي، حيث أن المؤسسات الحالية متفرقة، وغالبا ما يضيع المواطن بين الإدارات. فالمحتسب يمكن أن يشكل آلية تجميعية للمراقبة اليومية للأسواق والخدمات.
و تعزيز ثقة المواطن، بحيث وجود محتسب أو مؤسسة بروح الحسبة يعزز شعور المواطن بأن هناك من يحمي مصالحه بشكل مباشر وسريع.
و مكافحة الفساد الصغير، على اعتبار الغش في الموازين، رفع الأسعار بشكل غير مشروع، احتكار المواد الأساسية… وهي مظاهر تحتاج مراقبا ميدانيا يوميا.
ان الأدوار الطلائعية الممكنة للمحتسب العصري هي،
مراقبة الأسواق والأنشطة التجارية: ضمان الشفافية في الأسعار وجودة السلع.
و حماية المستهلك، من خلال استقبال شكاوى المواطنين بشكل مباشر وفوري والتدخل السريع.
و التنسيق المؤسساتي ربط عمله بمهام المجلس الأعلى للحسابات، الجماعات الترابية، ووزارة الداخلية.
و التربية والتحسيس، مع نشر ثقافة النزاهة والغش التجاري في المجتمع، عبر الإعلام وحملات توعية.
و الوساطة، فلعب دور وسيط بين المواطن والإدارة لتسوية الخلافات البسيطة قبل الوصول إلى القضاء.
فمن خلال الرقمنة يمكن بعث مؤسسة “المحتسب الرقمي” كمنصة لتلقي الشكايات والتدخل الميداني بسرعة.
ان المخرجات المتوقعة هي
تجويد آليات المراقبة الاقتصادية.
و تعزيز حماية القدرة الشرائية للمواطنين.
و رفع مؤشرات الثقة بين الدولة والمجتمع.
و تقوية الحكامة الترابية عبر أداة جديدة قريبة من المواطن.
ان بعث “روح المحتسب” لا يعني العودة إلى النموذج التقليدي، بل استلهام قيمه وأدواره لابتكار مؤسسة عصرية تدمج بين الرقابة الميدانية، الوساطة، وحماية المستهلك، لتشكل صمام أمان اجتماعي واقتصادي يعيد الثقة للمواطن ويضمن نزاهة السوق.