إقليم تاونات، بما يزخر به من ثروات طبيعية خلابة، يظل واحدا من الأقاليم التي تختزن كنوزا سياحية وإيكولوجية قادرة على قلب معادلة التنمية بالجهة، لو وجدت الإرادة السياسية والبرامج الجادة لتثمينها. من غابات الرزينية “الزّروق” الممتدة على جبال شاهقة، إلى ينابيع المياه الصافية، والوديان المتعرجة، والهواء النقي الذي يميز فضاءاته القروية، كلها عناصر تجعل من المنطقة وجهة سياحية طبيعية بامتياز، لكنها ما تزال بعيدة عن دائرة الاستغلال المنظم.
المفارقة الصارخة تكمن في أن هذه المؤهلات التي يمكن أن تجعل من تاونات قطبا للسياحة الجبلية والإيكولوجية، ما تزال حبيسة غياب البنية التحتية الأساسية، وعلى رأسها الطرق والمسالك القروية. فلا سياحة يمكن أن تزدهر وسط عزلة خانقة، ولا استثمارات يمكن أن ترى النور في ظل صعوبة الولوج إلى المواقع الطبيعية التي تختزنها المنطقة.
إن مشروع الطريق الرابط بين الطريق الجهوية رقم 510 ومشيخة باب الحيط، والذي يفترض أن يربط تاونات بالحسيمة في ظرف ساعة ونصف فقط، ليس مجرد مطلب تنموي، بل هو مفتاح أساسي لفك العزلة عن المؤهلات السياحية الهائلة للإقليم. فبدونه، تظل مشاريع تثمين الغابات، وإنشاء فضاءات رياضية وسياحية، مجرد أحلام على الورق.
أكثر من ذلك، يشكل قطاع السياحة الطبيعية بإقليم تاونات فرصة ذهبية لخلق دينامية اقتصادية محلية، من خلال تشجيع السياحة الجبلية والقروية، وإحداث وحدات للإيواء التقليدي، وتنشيط الحرف المحلية، وتسويق المنتوجات الفلاحية (زيت الزيتون، العسل، النباتات الطبية والعطرية). وهي عناصر من شأنها أن تخلق آلاف فرص الشغل وتمنح الشباب أفقا بديلا عن الهجرة واليأس.
غير أن هذا الأفق لن يتحقق ما لم يرفع عن الإقليم شبح التهميش، وتعطى الأولوية لبرامج فك العزلة، حتى يتمكن تاونات من التحول من مجرد معبر صعب نحو الشمال، إلى وجهة سياحية واعدة تحمل إمكانات تنموية واقتصادية مستدامة.