تحولت مدينة طنجة من 6 إلى 8 غشت 2025، إلى قبلة للكلمة المبدعة والذاكرة الوطنية، وهي تحتضن فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان القصيدة الوطنية، الذي نظمته مؤسسة رائدات بشراكة مع مقاطعة المدينة ومقاطعة السواني، وبدعم من النيابة الجهوية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، تحت شعار بليغ: “مولد السرور… في وطن النور”.
المهرجان لم يكن مجرد تظاهرة شعرية، بل جسّد بعداً وطنياً عميقاً، إذ ارتبط بذكرى المولد النبوي الشريف، وعيد الشباب المجيد، وثورة الملك والشعب، بما تحمله هذه المناسبات من رمزية روحية ووطنية وتاريخية. لقد أراد المنظمون أن تكون القصيدة جسراً يربط الأجيال الجديدة بجذور الانتماء والهوية، وصوتاً يخلّد التضحيات ويستحضر القيم الجامعة.
انطلقت الفعاليات من مقر المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، حيث ألقى الدكتور يونس السباح محاضرة بعنوان: “القصيدة الوطنية المغربية: الأصول والامتدادات”، تلتها جلسة علمية لتقديم تحقيق ديوان الفقيه الأديب الشاعر الريسوني أنجزها الدكتور أحمد الحريشي والدكتور أحمد علي الريسوني.
كما شهد اليوم الأول افتتاح معرض تاريخي مميز سلط الضوء على أدوار الملوك العلويين وجيش التحرير في معركة الاستقلال، في لقاء حي بين الذاكرة الوطنية والإبداع الشعري.
خصص لجولة ثقافية سياحية للضيوف، زاروا خلالها أبرز معالم طنجة التاريخية والحضارية، بما يعكس دور المدينة كجسر حضاري يربط الشرق بالغرب، ويجعل من الشعر مناسبة للانفتاح على ذاكرة المكان وروحه.
كان مسك الختام بالمركز الثقافي أحمد بوكماخ، حيث التأمت أمسية شعرية كبرى بمشاركة نخبة من الشعراء المغاربة والعرب، من بينهم:
محمد المامي (موريتانيا)
وليد أبو شهدة (مصر)
عزيزة لعميري (بني ملال)
سعيد يفلح العمراني (تطوان)
رشيد الياقوتي (الرباط)
خالد بودريف (وجدة)
محمد نافع العشيري (طنجة)
زكية الحداد (طنجة)
عمر الأزمي (فاس)
بلال الدواس (طنجة)
عبد العالي حسون (بروكسل).
إلى جانب مشاركة أصوات شعرية شابة وطفلات صغيرات أضفين على الأمسية لمسة إنسانية مؤثرة.
كما أطرب الفنان أنور حمدان الجمهور بفقرات موسيقية تراثية أصيلة، لتكتمل الأجواء بروح وطنية وشعرية فريدة.
اختتمت الأمسية بتكريم شخصيات ثقافية بارزة ساهمت في خدمة الثقافة والأدب بطنجة. وقد نوه المنظمون بالدعم الذي قدمته مقاطعة المدينة ومقاطعة السواني إضافة إلى المندوبية السامية ومركز أنجرة للدراسات والإبداع.
مرة أخرى، أثبتت طنجة أنها مدينة تحتفي بالشعر وتكرم الكلمة الصادقة، محافظة على مكانتها كجسر بين الثقافات وفضاء يحتضن الأدب في زمن التحديات. لقد كان المهرجان الخامس للقصيدة الوطنية بحق موعداً ثقافياً مميزاً، أعاد للشعر مكانته كصوت للانتماء وذاكرة للمقاومة ورمز للوحدة الوطنية.