قصة خيالية
في قلب حي “الصابرين” الشعبي، حيث تتشابك الأزقة كعروق شجرة قديمة وتتزاحم البيوت كأهلها على مائدة الحياة، وُلد “آدم”. لم يكن آدم طفلاً عاديًا، فعيناه كانتا تحملان بريقًا خاصًا، بريقًا جمعه الفقر من زوايا حجرته الضيقة، والأحلام التي رسمها على جدرانها المتآكلة. نشأ آدم بين أحضان شوارع تحكي قصص الكفاح، لكنها أيضًا تخبئ في طياتها دروبًا مظلمة، وسرعان ما انجذب آدم إلى بريق زائف وعده بالخروج من عالم الفقر الذي كبّله.
كانت البداية بسيطة، مجرد “خدمات صغيرة” يقدمها لبعض “الكبار” في الحي. سرعان ما تحولت هذه الخدمات إلى شبكة معقدة، وذاع صيت “آدم” بين أوساط عالم الجريمة. لم يعد آدم الصغير بائع “الممنوعات” البسيط، بل أصبح “ملك الظل”، أكبر تاجر مخدرات في المدينة، يدير إمبراطورية يمتد نفوذها إلى أبعد الأحياء. كان يملك المال والسلطة، وكل ما حلم به في طفولته البائسة، لكنه فقد شيئًا أثمن: روحه.
لم يكن آدم يعلم أن كل خطوة يخطوها نحو القمة، كانت تقربه أكثر من الهاوية. كانت حياته أشبه بلعبة شطرنج مع الشرطة، يهربون منه تارة ويطاردونه تارة أخرى. وفي ليلة عاصفة، بينما كان آدم يخطط لصفقة ضخمة كان يعتقد أنها ستؤمن له مستقبلًا بعيدًا عن المخاطر، تلقى مكالمة هاتفية غيرت مجرى حياته. “أختك… إنها في المستشفى… جرعة زائدة”.
سقط الهاتف من يده كالصاعقة. أخته الصغرى، التي كان يعدها عالمه الوحيد، سقطت ضحية لما يبيعه. في تلك اللحظة، تحطمت إمبراطورية آدم أمام عينيه، وأدرك أن كل ما بناه كان مجرد وهم، بني على أنقاض أرواح أبرياء، وعلى رأسهم أخته. لم تكن الشرطة هي من أسقطته هذه المرة، بل كان ضميره.
في صباح اليوم التالي، وعقب مطاردة مثيرة في شوارع المدينة، وجد رجال الشرطة آدم، لا يقاتل ولا يقاوم. كان جالسا على رصيف مهجور، وعيناه شاخصتان في الفراغ، كما رأى كل شيء وفقد كل شيء. ألقي القبض على “ملك الظل”، ولكن هذه المرة، لم يكن هناك بريق في عينيه، بل كانت مليئة بالحسرة والندم.
حكم على آدم بالسجن سنوات طويلة، وخلال فترة سجنه، لم ير أخته إلا مرة واحدة، وهي على فراش المرض، فاقدة للوعي. كانت تلك النظرة الأخيرة التي حطمت قلبه تمامًا. كانت قصته عبرة لكل شاب يظن أن طريق الثراء السريع يكمن في الظلام. فآدم، الذي حلم بالشمس وهو طفل، لم يرَها إلا من خلف قضبان السجن، وحينها فقط، أدرك الثمن الباهظ الذي دفعه.
هذه القصة ليست مجرد حبر على ورق، بل هي صرخة من زقاق حي “الصابرين”، تحذير لكل من يظن أن السعادة تشترى بالمال الحرام. فلكل طريق نهاية، ونهاية طريق الظلام دائمًا ما تكون مظلمة.



