بين إغراء “الاستقطاب” وجحيم “الإهمال”: هل تستهتر شركات الاتصالات بأرزاق المهنيين في المغرب؟

فايس بريس23 نوفمبر 2025آخر تحديث :
بين إغراء “الاستقطاب” وجحيم “الإهمال”: هل تستهتر شركات الاتصالات بأرزاق المهنيين في المغرب؟

في مشهد يتكرر يومياً داخل وكالات شركات الاتصالات في المغرب، يُستقبل المواطن بابتسامات عريضة ووعود “وردية” حين يُبدي رغبته في تحويل رقم هاتفه من فاعل إلى آخر.

تتسابق الأطقم التجارية لتقديم “أحسن معاملة”، مُعطين الانطباع بأن العميل هو الملك المتوج. ولكن، ما إن يسقط هذا “الملك” في فخ عطب تقني أو ضياع لرقم مهني، حتى تتحول تلك الابتسامات إلى جدار سميك من الصمت والمماطلة، في مفارقة تطرح سؤالاً جوهرياً: هل هذه الشركات تخدم المواطن حقاً، أم تستغله وتستهتر بمصالحه؟

“مصيدة” الاستقبال الحار

لا يختلف اثنان على أن خدمات “نقل الأرقام” (Portability) تتم بسرعة البرق. فالمنافسة على أشدها لانتزاع المشتركين من بعضهم البعض.

لكن، هذه الكفاءة العالية تختفي فجأة عندما يتعلق الأمر بخدمة “ما بعد البيع”، وتحديداً في الحالات الحرجة التي تمس صلب العمل المهني.

كارثة “الرقم المهني”: نزيف لا يتوقف
لعل أخطر ما في هذا الملف هو الاستهتار بالأرقام المهنية (Business Numbers) التابعة للمقاولات والشركات. نحن لا نتحدث هنا عن رقم شخصي للدردشة، بل عن “أصل تجاري” رقمي؛ فتعطل رقم شركة يعني توقف الطلبيات، انقطاع التواصل مع الموردين، وفقدان ثقة العملاء، وهو ما يترجم فعلياً إلى خسائر مادية فادحة.

وفي واقعة خطيرة توصلنا بتفاصيلها، يعيش صاحب مقاولة مغربية كابوساً حقيقياً منذ أربعة أسابيع كاملة. فقد توقف رقمه المهني فجأة عن العمل بسبب “إتلاف الرقم” من طرف الشركة المشغلة. شهر كامل من الشلل التام، ورغم أن الضحية طرق كل الأبواب الممكنة، إلا أن النتيجة كانت صفراً.

سياسة “قريباً”.. والتجاهل الرقمي
يؤكد المتضرر أنه سلك كل السبل القانونية والإدارية:

  • المراسلات الرسمية: إرسال شكايات عبر البريد الإلكتروني (Gmail) إلى المسؤولين، قوبلت بتجاهل تام وعدم رد، في خرق واضح لأبسط أدبيات التواصل المؤسساتي.
  • مركز الزبناء: دوامة من الانتظار وجملة مكررة لا تسمن ولا تغني من جوع: “لقد سجلنا طلبك، الحل قريباً”.
  • الوكالات التجارية: زيارات متكررة تنتهي بجواب واحد “بدون إقناع”: النظام معطل، أو الأمر بيد الإدارة المركزية.

رسالة مفتوحة إلى المسؤولين والجهات الوصية

إن ما يحدث ليس مجرد “عطب تقني”، بل هو عطب أخلاقي وإداري. إن ترك شركة أو مقاولة بدون وسيلة تواصل لمدة شهر كامل يعتبر، في لغة المال والأعمال، حكماً بالإعدام البطيء على نشاطها.

من هذا المنبر، يوجه المواطنين رسالة عاجلة إلى:

  • الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT): بصفتها “الدركي” المسؤول عن هذا القطاع، للتدخل الفوري وفرض غرامات على الشركات التي تتلاعب بأرزاق المهنيين وتتجاوز الآجال المعقولة للإصلاح.
  • جمعيات حماية المستهلك: لتبني مثل هذه الملفات التي تتجاوز الضرر الشخصي إلى الضرر الاقتصادي.

ختاماً، إن شركات الاتصالات في المغرب مطالبة اليوم بمراجعة سياساتها. إن الزبون لا يحتاج إلى ابتسامة عند “الاشتراك” بقدر حاجته إلى “الحلول” عند الأزمات. فهل من مجيب لصرخات المهنيين، أم أن “الرد الآلي” سيظل سيد الموقف؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة