صدر حديثا العدد الـ 79 من مجلة الدرك الملكي، الذي يقترح على القراء مجموعة من المواضيع، منها على الخصوص، ركن خاص بـ “الأنشطة الملكية”، بالإضافة إلى ملف حول “الدرك الملكي والحرس المدني الإسباني شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد”.
وسلطت افتتاحية هذه المجلة الفصلية (يناير-مارس 2024)، الضوء على التعاون الأمني الدولي معددة فوائده “في مجالات الدفاع والأمن”، وكتبت أن العولمة وفتح الحدود “لعبا دورا إيجابيا في حرية تنقل الأشخاص والبضائع والخدمات بين الدول، مع بروز أخطار غير مألوفة، تهدد الأمن والنظام العالميين، وتستغل كلها حرية المبادلات لكي تنتشر وتوسع مجالات نشاطها. فيمكننا القول إن العالم يعيش في الوقت الراهن عولمة أخرى موازية، ألا وهي عولمة الجريمة العابرة للحدود والتهديدات الناشئة والمتغيرة، والتي أصبحت دائمة ومنظمة جدا وغالبا معقدة”.
وجاء في افتتاحية العدد أن هذه التحولات دفعت “كل متدخل أو مختص أو مهتم، سواء أكان مسؤولا حكوميا أو مسؤولا أمنيا أو مواطنا فطنا، إلى عدم إهمال أو تجاهل أهمية التعاون الدولي الأمني في إطار استراتيجية استباقية متعددة الأبعاد”، مشيرة إلى أن أهمية التعاون الأمني ينبثق “عموما من الإرادة الثنائية أو الجماعية والقناعة المشتركة لدى الفرقاء للحفاظ على الأمن والاستقرار في رقعة جغرافية معينة، والتي عادة ما تصبح بؤرة اضطرابات أمنية أو هدفا للتهديدات التقليدية أو المستحدثة”.
واستشهدت في هذا الاتجاه بالتعاون الأمني المغربي-الإسباني القائم على “الشراكة”، مبرزة أن الدرك الملكي والحرس المدني قاما “بوضع عدة آليات أهمها الدوريات المشتركة، والتبادل السلس والسريع للمعلومات العملياتية، والتعاون في مجال التدريب والتكوين، وتنظيم الاجتماع السنوي لقادة الجهازين”. وسجّلت أن التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا دخل “مرحلة جديدة بعد الاستقبال الملكي الذي خص به صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، السيد بيدرو سانشيز رئيس الحكومة الإسبانية. وتناولت المحادثات أثناء هذا الاستقبال مختلف الجوانب الجوهرية والمصالح المشتركة للبلدين، بما فيها القضايا السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والأمنية”.
وتضمن الركن المخصص للأنشطة الملكية، نص الخطاب الملكي السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين للمسيرة الخضراء، والإعلان “نحو شراكة مبتكرة ومتجددة وراسخة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة”، الذي وقعه جلالة الملك ورئيس دولة الإمارات العربية، صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وكذلك جلسة العمل التي ترأسها جلالة الملك بخصوص إشكالية الماء في المغرب.
أما ركن “أنشطة الدرك الملكي”، فأبرز مشاركة السيد الفريق أول محمد هرمو، قائد الدرك الملكي، في اجتماع المجلس الأعلى للجمعية الدولية لقوات الدرك والشرطة ذات الصفة العسكرية، المعروفة اختصارا بـ “FIEP”، وذلك برئاسة المدير العام للحرس المدني الإسباني، السيد ليوناردو ماركوس غونزاليس.
كما استعرض هذا الركن تقرير أنشطة الدرك الملكي برسم سنة 2023 والذي أكد الالتزام الثابت “بسلامة وحماية المواطنين وممتلكاتهم وكذلك بمكافحة الجريمة بمختلف أنواعها”، لافتا إلى أن مؤسسة الدرك الملكي “أكدت من جديد على مكانتها كحصن منيع في مواجهة التحديات الأمنية، خاصة خلال الأوقات الصعبة، كما تجلى ذلك خلال زلزال الحوز”.
وتجلت الخطوط العريضة لحصيلة سنة 2023 أساسا، في تكوين ما مجموعه 14 ألفا و794 مستفيدا من التكوين والتدريب على المستوى الوطني والدولي، أما في ما يتصل بمكافحة الجريمة فأفادت الحصيلة بمعالجة 349 ألفا و654 قضية، وتوقيف 73 ألفا و12 شخصا، وتفكيك 376 شبكة إجرامية، مشيرة إلى نشر 6832 عنصرا لإسناد التدخلات في زلزال الحوز، وتعبئة 10 مروحيات.
وبشأن عمليات الدعم والإسناد الجوي بلغ عدد ساعات الطيرات التي قامت بها مروحيات وطائرات المجموعة للدرك الملكي 6567 ساعة، أما بخصوص الإصغاء للمواطنين فبلغ عدد اتصالات النجدة عبر الخط الهاتفي 177، 3 ملايين و819 ألفا و446 اتصالا توصلت به مختلف مراكز الاتصال التابعة للدرك الملكي.
وفي المحور المتعلق بالسلامة الطرقية، تفيد الحصيلة،بأنه تم نشر 423 ألفا و627 دورية لشرطة السير والجولان عبر الطرق الوطنية والسيارة، مع تسجيل مليونين و508 آلاف و408 مخالفة.
وبخصوص مكافحة الهجرة غير الشرعية، واصلت مصالح الدرك الملكي جهودها في هذا المجال، حيث سجلت 4796 قضية برسم سنة 2023، مكنت من توقيف حوالي 43 ألفا و131 مرشحا وتفكيك 296 شبكة إجرامية، والقيام بما مجموعه 446 مهمة بحرية أجريت باستخدام الطائرات والمسيرات التابعة للدرك الملكي.
أما ركن “شؤون استراتيجية” فركز على موضوع “القوة الناعمة ومعارك المستقبل”، من خلال مقال لأستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض، إدريس لكريني، استحضر فيه “حجم التوترات والصراعات التي طبعت مرحلة الحربين العالميتين لعامي 1914 و1937 وتطور النظام الدولي التي أخذ فيها سباق التسلح منحنى خطيرا إلى جانب التخندق داخل الأحلاف العسكرية، وتكريس مناخ الاستثقطاب الإيديولوجي”.
وتطرق كاتب المقال في المقابل إلى بروز مفهوم القوة الناعمة “الذي يقوم على الإغراء والإقناع بدل الإكراه والزجر، واستثمار مختلف القنوات الثقافية والفنية والروحية والعلمية والمساعدات التقنية والإنسانية في التأثير وكسب المصالح المختلفة”، مستشهدا بدراسات استشرافية قام بها العديد من الخبراء والباحثين تؤكد أن “حروب ومعارك المستقبل ستكون سريعة ودقيقة وحاسمة، وستسعى الكثير من القوى الدولية إلى أن تكون غير مكلفة من الناحية الإنسانية على الأقل، بتوظيف تقنيات مستحدثة في هذا السياق”.
من جانب آخر، تطرق ركن “رياضة” إلى إحراز الدرك الملكي للقب الدورة الأولى للبطولة الوطنية العسكرية للتايكواندو التي نظمتها المديرية العامة للرياضات العسكرية خلال الفترة الممتدة من 6 نونبر إلى 1 دجنبر 2023، وذلك تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية.
وتوج الدرك الملكي بطلا للدورة، بعد احتلاله المركز الأول في الترتيب العام، متقدما على كل من مفتشية سلاح النقل واللوجستيك (المركز الثاني)، ومفتشية سلاح المشاة (المركز الثالث)، ويعود الفضل في هذا الإنجاز إلى تألق الدركيين هشام بومهدي وبلال زعيرات، اللذين اعتليا منصة التتويج على التوالي في فئتي 80 كلغ و58 كلغ.