أمين صادق/الجديدة
وزير الداخلية يغلن عن قرار نقل اختصاص منح دعم الجمعيات إلى السلطات اللامركزية التابعة للوزارة، ونأمل أن يتبعه قرار آخر لا يقل أهمية، يفرض على الجماعات المحلية الالتزام بنشر معلوماتها المالية بشكل دوري وعلني.
يعتبر هذا القرار خطوة مهمة نحو محاربة الفساد وتعزيز الثقة بين المواطنين والسلطات المحلية.ومع ذلك، يواجه هذا التوجه تحديات كبيرة، خاصة في عدد من الجماعات. تُظهر جماعة أزيار نموذجًا صارخًا لهذه التحديات، حيث ترفض هذه الجماعة تقديم المعطيات المالية التي تُعتبر جزءًا من المعلومات العمومية التي يجب أن تكون متاحة للجميع. حتى الأعضاء المستشارون الممثلون للدوائر يُمنعون باستمرار من الحصول على نسخ محاضر الدورات. كما يتجلى سلوك آخر شاد في الرفض القاطع للتأشير على الوثائق المتوصل بها من قبل مكتب الضبط، وقد تم رصد عدد من الخروقات والتجاوزات، من خلال استغلال جهل المرتفقين بحقوقهم.
يهدف القرار الجديد لوزير الداخلية إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في توزيع الدعم المخصص للأنشطة الثقافية والرياضية والفنية. من خلال نقل اختصاص منح الدعم إلى السلطات اللامركزية لوزارة الداخلية، بهذا سيتم تقليل فرص استغلال هذه المنح لأغراض انتخابية من قبل رؤساء المجالس الجماعية.
هذا الإجراء قد يضمن توزيع الدعم بناءً على معايير موضوعية واحتياجات المجتمع، بدلاً من أن يكون وسيلة لتحقيق مكاسب سياسية.
تعتبر الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب من المؤسسات الأساسية التي تسعى لتعزيز الشفافية والمساءلة في تدبير المال العام. تلعب الهيئة دورًا محوريًا في مراقبة كيفية استخدام الموارد المالية، وتهدف إلى حماية المال العام من الهدر والتبذير. ومع ذلك، تواجه الهيئة تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالحصول على المعلومات المتعلقة بالميزانيات العامة للجماعات.
يظهر بوضوح رفض الجماعة تقديم المعطيات المالية، رغم اتباعنا لمسطرة الحق في الحصول على المعلومة وفقًا للقانون 13/31. لم تُبدِ الجماعة أي استعداد للإفصاح عن هذه المعلومات.
لقد راسلنا الجهات الوصية على مستوى الولاية مرات عديدة، لكن الرد بعد الكثير من الإصرار كان إخبارنا بضرورة الرجوع إلى رئيس الجماعة، الذي يمتنع بدوره عن الإدلاء بالمعلومات المطلوبة.
هذا الوضع يثير الاستغراب ويعكس عدم الالتزام بالشفافية التي يُفترض أن تتبناها الجماعات المحلية.
إن عدم تقديم هذه المعطيات لا يؤدي فقط إلى إهدار الوقت والجهود، بل يُظهر أيضًا استنزافًا للطاقات، حيث تُضيع الفرص في تحقيق المساءلة والمراقبة الفعالة. كما يُعبر عن حالة من الفساد المحتمل، حيث تُخصص ميزانيات ضخمة لمصاريف غير ضرورية، مما يعيق جهود تعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة في تدبير المال العام.تتجلى هذه الإشكاليات بشكل واضح في بعض الحالات، مثل شراء سيارات فارهة من قبل رؤساء الجماعات الأكثر فقرًا، حيث تعاني هذه الجماعات من نقص حاد في الموارد. على سبيل المثال، اقتنى رئيس جماعة أزيار سيارة من نوع هيونداي تيكسون بأكثر من أربعين مليون سنتيم، رغم أن الجماعة تمتلك سيارة أخرى من نوع دوستر، والتي هي في حالة ممتازة. هذا الأمر يثير تساؤلات حول مبدأ ترشيد النفقات وضرورة استخدام المال العام بشكل مسؤول.
تُظهر حالات أخرى أيضًا عدم تطبيق القانون بشكل عادل، حيث يُلاحظ أن بعض المسؤولين، من الولاة والعمال، يؤشرون على عمليات شراء غير مبررة، مما يساهم في تفشي الفساد. فعلى سبيل المثال، تم التغاضي بشكل يثير الكثير من الشك والريبة، يتجليان في استمرار رئيس جماعة أزيار في استخدام السيارة الفارهة الجديدة على الطرقات بكافة أرجاء المعمور بلوحة الترقيم “ww” منذ أكثر من سنة، مما يبين أن القانون لا يسري عليه كما يسري على باقي المواطنين، مما يعكس وجود تمييز واضح في تطبيق القوانين.
في الختام، تؤكد الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية على ضرورة تعزيز الشفافية والمساءلة في تدبير المال العام، داعية إلى تفعيل القوانين المتعلقة بالإفصاح عن المعلومات المالية وبشكل عاجل.
إن تحقيق هذه الأهداف يتطلب تعاونًا فعّالًا بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك السلطات المحلية والمجتمع المدني، لضمان حماية المال العام وتعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة في المجتمع المغربي.