شدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في إسرائيل، أمس الثلاثاء، على أنّ مقتل زعيم حماس يحيى السنوار يشكّل “فرصة كبيرة” لوضع حدّ للحرب الدائرة في غزة، بينما تواصل الدولة العبرية شنّ ضربات في لبنان ضد حزب الله وتستعد للرد على هجوم إيراني.
وبعد أن باءت محاولات متكررة بالفشل للتوسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، أجرى بلينكن الزيارة الحادية عشرة له إلى الشرق الأوسط منذ اندلاع حرب غزة. وتمثل هذه الزيارة آخر محاولة قبل انتخابات رئاسية قد تعيد تشكيل المشهد السياسي في الولايات المتحدة.
وحضّ الوزير الأميركي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال اجتماع في القدس على اتّخاذ “تدابير إضافية” لزيادة المساعدات الانسانية التي تدخل القطاع الفلسطيني المحاصر والمدمّر بعد عام من الحرب مع حماس، وفق الخارجية الأميركية.
وبحسب مسؤول أميركي فقد بات نتنياهو يدرك “جدية” تحذيرات واشنطن بوجوب زيادة المساعدات الانسانية إلى قطاع غزة.
وامتدت نيران هذه الحرب التي اندلعت إثر هجوم غير مسبوق للحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، إلى لبنان حيث تخوض إسرائيل منذ نحو شهر مواجهة مفتوحة مع حزب الله تشمل غارات مكثفة وعمليات برية “محدودة”. وأسفرت الغارات عن مقتل أكثر من 1500 شخص خلال شهر، بحسب تعداد يستند لبيانات وزارة الصحة اللبنانية 10 منهم على الأقل الثلاثاء.
وليل الثلاثاء-الأربعاء، أكد الجيش الإسرائيلي “القضاء” على رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين الذي تم التداول باسمه لخلافة حسن نصرالله أمينا عاما للحزب، قبل ثلاثة أسابيع في غارة جوية على ضاحية بيروت الجنوبية.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء عن اعتراض طائرتين مسيّرتين أطلقتا من الشرق واخترقتا المياه الإسرائيلية في منطقة إيلات، وهو الهجوم الذي تبنته “المقاومة الإسلامية في العراق”.
وقالت المقاومة الإسلامية في العراق في بيانين إنها هاجمت مدينة إيلات الساحلية الإسرائيلية بطائرات مسيرة مرتين اليوم الأربعاء.
وأضافت الجماعة المسلحة الموالية لإيران أنها ضربت أهدافا حيوية هناك.
وفي الأشهر الأخيرة، أعلن هذا التشكيل شنّ هجمات بطائرات مسيّرة على أهداف في إسرائيل على خلفية الحرب في غزة.
ومنذ أبريل، أكدت إسرائيل وقوع عدد من الهجمات الجوية من جهة الشرق، من دون أن توجّه أصابع الاتهام إلى جهة محددة، وأعلنت مرات عدة أنها اعترضت مسيّرات خارج مجالها الجوي.
كما نفذت بعض الفصائل عشرات الهجمات ضد القوات الأميركية المنتشرة في العراق وسوريا في إطار التحالف الدولي المناهض لتنظيم داعش.
وتزامنا مع زيارة بلينكن لإسرائيل، شنّ جيشها سلسلة غارات جوية في لبنان استهدفت إحداها مبنى من 11 طبقة في منطقة الشياح-الغبيري في الضاحية الجنوبية لبيروت، ما أدى الى انهياره خلال ثوانٍ.
وليل الثلاثاء، استهدفت ثلاث غارات إسرائيلية على الأقل ضاحية بيروت الجنوبية إثر طلبات إخلاء إسرائيليةـ على ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية.
ووصل بلينكن الى إسرائيل في مستهل جولة إقليمية هي الحادية عشرة له منذ بدء الحرب في قطاع غزة، هدفها الدفع في اتجاه وقف النار في غزة واحتواء التصعيد العسكري في المنطقة. ومن المقرر أن يزور الأربعاء السعودية، بحسب ما أكد مسؤول أميركي.
وشدّد بلينكن لدى لقائه الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ على أن مقتل السنوار يشكّل “فرصة كبيرة لإعادة الرهائن إلى ديارهم، ولإنهاء الحرب وضمان أمن إسرائيل”.
من جهته، أعرب نتنياهو عن أمله في أن يتيح مقتل السنوار، الافراج عن الرهائن الإسرائيليين في القطاع.
وجاء في بيان أصدره مكتبه أنه بحث وبلينكن “مسألة حكم غزة بعد انتهاء الحرب. وشدّد رئيس الوزراء على أن القضاء على زعيم حماس يحيى السنوار قد يكون تأثيره إيجابيا على صعيد عودة الرهائن” المحتجزين في غزة.
وقتل السنوار خلال اشتباك مع قوة عسكرية في جنوب قطاع غزة في 16 أكتوبر. وتتهمه إسرائيل بأنه مهندس هجوم أكتوبر 2023.
والولايات المتحدة هي أبرز داعمي إسرائيل سياسيا وعسكريا. وقادت واشنطن مع الدوحة والقاهرة، جهود وساطة على مدى الأشهر الماضية، لم تفلح في وقف النار في القطاع الذي يشهد دمارا واسعا وأزمة انسانية كارثية وصلت الى شفير المجاعة.
وشدد بلينكن على “أهمية أن تتخذ إسرائيل خطوات إضافية لزيادة واستدامة تدفق المساعدات الإنسانية الى غزة وضمان أن تصل هذه المساعدات إلى المدنيين على امتداد” القطاع، بحسب ما أفاد المتحدث باسم الخارجية.
لكن البيان الإسرائيلي عن الاجتماع لم يذكر أي شيء عن المساعدات الإنسانية.
والتقى بلينكن في تل أبيب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي قال إن بلاده تعول على دعم واشنطن “بعد مهاجمتها إيران” للرد على هجوم صاروخي شنته طهران على إسرائيل في الأول من أكتوبر.
وتأتي زيارة بلينكن في وقت تستعد فيه إسرائيل للرد على هجوم صاروخي إيراني استهدفها في الأول من أكتوبر. وتوعدت طهران بأنها ستردّ على أي هجوم يطاولها.
وأكد بيان مكتب نتنياهو أنه “خلال الاجتماع، تم التطرّق إلى التهديد الإيراني ووجوب توحيد قوى البلدين في مواجهتها”.
وبعد إضعاف حماس في غزة، نقلت إسرائيل منذ منتصف سبتمبر ثقلها العسكري الى الحدود الشمالية مع لبنان، حيث كانت تتبادل منذ عام القصف مع حزب الله الحليف لطهران الذي فتح جبهة “إسناد” للقطاع الفلسطيني. وكثّفت الدولة العبرية غاراتها الجوية اعتبارا من 23 سبتمبر، وبدأت عمليات برية “محدودة” في المناطق الحدودية بجنوب لبنان في 30 منه.
في غضون ذلك، واصل حزب الله إطلاق صواريخ نحو تجمعات لجنود إسرائيليين وقواعد عسكرية ومناطق إسرائيلية.
وأعلن الحزب الثلاثاء قصف قاعدة إسرائيلية جنوب حيفا بطائرات مسيّرة، واستهداف سبع دبابات داخل بلدات لبنانية وعبر الحدود.
من جهتها، نفذت إسرائيل غارات مكثفة على الضاحية الجنوبية وفي جنوب لبنان خصوصا أطراف مدينة صور الساحلية، وذلك بعد إنذارات للسكان بالإخلاء.
وأتت إحدى الغارات على الضاحية الجنوبية بعد دقائق من انهاء مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمّد عفيف مؤتمرا صحافيا، حضره عشرات الصحافيين.
وقال عفيف خلال المؤتمر “تعلن المقاومة الاسلامية عن مسؤوليتها الكاملة والتامة والحصرية عن عملية قيساريا واستهداف مجرم الحرب وزعيم الفاشية الصهيونية نتانياهو”، وذلك في إشارة الى استهداف مقر الإقامة الخاص لرئيس الوزراء السبت.
وهي المرة الأولى يعلن فيها الحزب رسميا مسؤوليته عن الهجوم، علما بأنه سبق لنتانياهو اتهامه بها، متوعدا بأن يدفع “ثمنا باهظا”.
وليل الثلاثاء، أعلنت وزارة الصحة اللبنانية مقتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص وإصابة 31 بجروح في ضربتين إسرائيليتين استهدفتا جنوب البلاد وشرقها.
ونفذت إسرائيل غارات جوية دامية على بيروت وأطرافها ليل الإثنين الثلاثاء، طالت إحداها محيط مستشفى رفيق الحريري الجامعي، أكبر المستشفيات الحكومية في لبنان، والواقع في منطقة الجناح خارج نطاق الضاحية الجنوبية.
وألحقت الغارة أضرارا طفيفة بالمستشفى ودمّرت أربعة أبنية مأهولة قربه. وتواصلت عمليات البحث صباح الثلاثاء للعثور على ضحايا بين الأنقاض، بينما كان يُسمع رنين هاتف خلوي من تحت الركام.
وأوردت وزارة الصحة في بيان أن الغارة قرب المستشفى “أدت… إلى استشهاد18 شخصا من بينهم أربعة أطفال فيما ارتفع عدد الجرحى إلى 60 شخصا”.
وندد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الانسان فولكر تورك بالضربة “المروّعة” وطالب بـ”تحقيق سريع وشامل”.
وفي جنوب لبنان، أعلن الصليب الأحمر اللبناني إصابة ثلاثة من مسعفيه بجروح في قصف خلال مهمة إنقاذ منسقة مع قوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في النبطية، بعيد غارات إسرائيلية على المنطقة.
في غضون ذلك، يواصل الجيش الإسرائيلي هجومه المدمّر منذ السادس من أكتوبر الجاري في شمال غزة، ما دفع عشرات الآلاف من السكان للفرار.
وقرب مخيم جباليا للاجئين، تجمع عشرات النازحين من كل الأعمار في طابور طويل عند حاجز تفتيش. على بعد أمتار، توقفت دبابة إسرائيلية.
وتوقع تقييم للأمم المتحدة نُشر الثلاثاء تضاعف نسبة الفقر في الأراضي الفلسطينية لتصل إلى 74.3 بالمئة هذا العام، مع تواصل الحرب في قطاع غزة.
وتسبّب هجوم حماس قبل عام بمقتل 1206 أشخاص غالبيتهم مدنيون، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية تشمل رهائن ماتوا أو قتِلوا خلال احتجازهم بغزّة.
وتردّ إسرائيل منذ أكثر من سنة بحملة قصف مدمّرة وعمليات برّية في قطاع غزة أدّت إلى مقتل ما لا يقل عن 42718 شخصا، معظمهم نساء وأطفال، وفق أحدث بيانات لوزارة الصحة التابعة لحماس والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.