من كنف العائلة إلى وحل الدعارة: قصة فتيات يغرقهن الفقر ويستغلهن المجتمع

أخزو زهير18 يناير 2025آخر تحديث :
من كنف العائلة إلى وحل الدعارة: قصة فتيات يغرقهن الفقر ويستغلهن المجتمع

أخزو زهير
تتسارع وتيرة الحياة وتتغير معها المفاهيم والقيم، لكن يبقى الفقر شبحًا جاثمًا على صدور الكثيرين، دافعًا بهم إلى اتخاذ قرارات مصيرية قد تغير مجرى حياتهم بالكامل. من بين هذه القرارات، يبرز قرار بعض الفتيات اللجوء إلى الدعارة كسبيل وحيد – في نظرهم – لمواجهة قسوة الظروف. هذه ليست مجرد حكايات عابرة، بل هي واقع مرير يعكس حجم المعاناة والتهميش الذي تعيشه فئات مجتمعية بأكملها.

الفقر.. البوابة الأولى:
غالبًا ما يكون الفقر المدقع هو الدافع الرئيسي الذي يجبر الفتيات على ولوج عالم الدعارة. ففي ظل غياب فرص العمل الشريفة، وعدم القدرة على توفير أبسط مقومات الحياة الكريمة، تجد الفتاة نفسها أمام خيارين أحلاهما مر: إما مواجهة الجوع والعوز، أو بيع جسدها مقابل المال. وفي كثير من الحالات، يكون هذا القرار مدفوعًا بمسؤولية إعالة أسرة بأكملها، حيث تصبح الفتاة المعيل الوحيد لأم مريضة أو إخوة صغار.

الظروف الاجتماعية.. وقود الاشتعال:
لا يقتصر الأمر على الفقر المادي فحسب، بل تلعب الظروف الاجتماعية دورًا كبيرًا في دفع الفتيات إلى هذا الطريق. التفكك الأسري، العنف المنزلي، الإهمال، الزواج المبكر الفاشل، كلها عوامل تساهم في تهيئة بيئة حاضنة لانحراف الفتيات. فالفتاة التي تعيش في أسرة مفككة، أو تعاني من العنف والإساءة، تكون أكثر عرضة للانزلاق في براثن الدعارة، بحثًا عن ملاذ آمن أو عن تعويض نفسي لما فقدته في حياتها.
الاستغلال.. وجه آخر للمعاناة:
في كثير من الأحيان، لا تكون الفتاة هي صاحبة القرار في دخول عالم الدعارة، بل تكون ضحية استغلال من قبل شبكات دعارة منظمة، أو من قبل أشخاص مقربين يستغلون حاجتها للمال. يتم استدراج الفتيات بوعود كاذبة عن فرص عمل مغرية، أو يتم التغرير بهن عاطفيًا، ليجدن أنفسهن في النهاية أسيرات في عالم الدعارة، حيث يتعرضن لأبشع أنواع الاستغلال والإهانة.
المجتمع.. بين التجريم والتهميش:
بدلًا من أن يمد المجتمع يد العون والمساعدة لهؤلاء الفتيات، فإنه غالبًا ما يكتفي بتوجيه الاتهامات والتجريم. يتم نبذهن وتهميشهن، وكأنهن الجناة وليس الضحايا. هذا التجريم يزيد من معاناتهن، ويدفعهن إلى مزيد من الانغماس في هذا العالم المظلم، حيث لا يجدن بديلًا آخر.
الحلول.. مسؤولية مشتركة:
مواجهة هذه المشكلة تتطلب تضافر جهود جميع أطياف المجتمع. الدولة، المؤسسات الاجتماعية، المنظمات الحقوقية، الأسرة، كلها مسؤولة عن وضع حد لهذه المعاناة. من الضروري توفير فرص عمل حقيقية للشباب، وتحسين الظروف المعيشية للأسر الفقيرة، وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي للفتيات المعرضات للخطر، وتفعيل دور الرقابة على شبكات الدعارة، وتغليظ العقوبات على المتورطين في استغلال الفتيات.

قضية الفتيات اللاتي يلجأن إلى الدعارة ليست مجرد قضية أخلاقية، بل هي قضية اجتماعية واقتصادية وإنسانية بالدرجة الأولى. يجب أن نتعامل مع هذه القضية بواقعية وموضوعية، وأن نبحث عن حلول جذرية تساهم في إنقاذ هؤلاء الفتيات من الضياع، وتضمن لهن حياة كريمة وآمنة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة
error: